أصل مثبت.
وإن اريد أصالة عدم دخل هذا المشكوك في المركّب عند اختراعه له ، الذي هو عبارة عن ملاحظة عدّة أجزاء غير مرتبطة في نفسها شيئا واحدا ، ومرجعها إلى أصالة عدم ملاحظة هذا الشيء مع المركّب المأمور به شيئا واحدا ، فإنّ الماهيّات المركّبة لمّا كان تركّبها جعليّا حاصلا بالاعتبار ، وإلّا فهي أجزاء لا ارتباط بينها في أنفسها ولا وحدة تجمعها إلّا باعتبار معتبر ، توقّف جزئيّة شيء لها على ملاحظته معها واعتبارها مع هذا الشيء أمرا واحدا ، فمعنى جزئيّة السورة للصلاة ملاحظة السورة مع باقي الأجزاء شيئا واحدا ، وهذا معنى اختراع الماهيّات وكونها مجعولة ، فالجعل والاختراع فيها من حيث التصوّر والملاحظة لا من حيث الحكم حتى تكون الجزئيّة حكما شرعيّا وضعيّا في مقابل الحكم التكليفي ، كما اشتهر في ألسنة جماعة ، إلّا أن يريدوا بالحكم الوضعي هذا المعنى.
وتمام الكلام يأتي في باب الاستصحاب إن شاء الله تعالى ، عند ذكر التفصيل بين الأحكام الوضعيّة والأحكام التكليفيّة ، ثمّ إنّه إذا شكّ في الجزئيّة بالمعنى المذكور فالأصل عدمها ، فإذا ثبت عدمها في الظاهر يترتّب عليه كون الماهيّة المأمور بها هي الأقلّ ؛ لأنّ تعيّن الماهيّة في الأقلّ يحتاج إلى جنس وجودي وهي الأجزاء المعلومة ، وفصل عدمي هو عدم جزئيّة غيرها وعدم ملاحظته معها ، والجنس موجود بالفرض والفصل ثابت بالأصل ، فتعيّن المأمور به ، فله وجه.
____________________________________
أصل مثبت) ، أي : ما مرّ في الإشكال على الأصل الحكمي من أنّ تعيين الماهيّة المأمور بها في الأقلّ بالأصل لا يصحّ إلّا على القول باعتبار الأصل المثبت.
وأمّا الثالث ؛ فلأجل ما أشار إليه قدسسره بقوله : (وإن اريد أصالة عدم دخل هذا المشكوك في المركّب عند اختراعه له ... إلى آخره) إلى أن قال : (فله وجه) جواب للشرط وهو قوله : (وإن اريد ... إلى آخره) ؛ وذلك لعدم كون الأصل ـ حينئذ ـ مثبتا ، فإنّ الماهيّة المأمور بها ـ وهي الأقلّ ـ لها جزء وجودي يكون جنسا لها وهو الأجزاء المعلومة ، وفصل عدمي وهو عدم ملاحظة غيرها معها ، فالجنس موجود بالفرض والفصل محرز بالأصل ، وبذلك يتعيّن المأمور به في الأقلّ من دون أن يكون الأصل مثبتا ، إذ المقصود من الأصل هو إثبات عدم الجزئيّة فقط لا شيء آخر حتى يقال بأنّه مثبت ، فإذا ثبت عدم جزئيّة المشكوك بالأصل