وثالثة : بظهورها فيما بلغ فيه الثواب المحض لا العقاب محضا أو مع الثواب.
لكن يردّ هذا منع الظهور مع إطلاق الخبر ، ويردّ ما قبله ما تقدّم في أوامر الاحتياط.
____________________________________
(وثالثة : بظهورها فيما بلغ فيه الثواب المحض لا العقاب محضا أو مع الثواب).
وتقريب هذا الإيراد يحتاج إلى مقدمة وهي :
إنّ محلّ الكلام في المقام هو الاحتياط في العبادة الشامل لكلّ واحد من محتمل الوجوب والاستحباب ، لأنّ محتمل العبادة يمكن أن يكون واجبا تعبديّا أو مستحبّا.
والفرق بينهما من حيث الثواب والعقاب : إنّ المستحب ما يكون على فعله ثواب فقط ولا يكون على تركه عقاب ، والواجب ما يكون على فعله ثواب وعلى تركه عقاب ، كما أنّ الفرق بين الحرام والمكروه يكون بعكس ذلك ، ثمّ إنّ ما ذكره المصنّف قدسسره من الثواب المحض إشارة إلى المستحب ، ومن العقاب محضا إشارة إلى الحرام ، ومن قوله : أو مع الثواب ، إشارة إلى الواجب.
فإذا عرفت هذه المقدّمة يتّضح لك ما ذكره المصنّف قدسسره من ظهور هذه الأخبار في ما بلغ فيه الثواب المحض ـ أي المستحب ـ فلا تشمل الواجب ، كما لا تشمل الحرام والمكروه ، فحينئذ يلزم أن يكون الدليل أخصّ من المدّعى ، لأنّ المدّعى هو محتمل العبادة الشامل لمحتمل الوجوب والاستحباب ، والأخبار ظاهرة في محتمل الاستحباب فقط ، فلو دلّت لدلّت على استحباب ما دلّ خبر ضعيف على استحبابه ، ولهذا سمّيت بما دلّ على التسامح في أدلّة السنن.
هذا تمام الكلام فيما أورده المصنّف قدسسره من الوجوه الثلاثة التي يردّ بها الاستدلال بهذه الأخبار على تصحيح الاحتياط في العبادة ، ثمّ يردّ المصنّف قدسسره الوجه الثالث والثاني من هذه الوجوه المذكورة ، ويؤيّد الوجه الأوّل ، وأشار إلى ردّ الوجه الثالث بقوله :
(لكن يردّ هذا منع الظهور مع إطلاق الخبر).
أي : منع ظهور بلوغ الثواب واختصاصه بالثواب المحض ، بل إطلاق الخبر يشمل جميع أقسام بلوغ الثواب ، وبذلك لا يكون الدليل أخصّ من المدّعى ، لشموله محتمل الوجوب أيضا.
وقد أشار إلى ردّ الوجه الثاني بقوله :
(ويردّ ما قبله ما تقدّم في أوامر الاحتياط).