وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي ...)(١) ، إلّا إنّ هذا وعد على الإطاعة الحقيقيّة ، وما نحن فيه وعد على الإطاعة الحكميّة ، وهو الفعل الذي يعدّ معه العبد في حكم المطيع. فهو من باب وعد الثواب على نيّة الخير التي يعدّ معها العبد في حكم المطيع من حيث الانقياد.
وأمّا ما يتوهّم من : «أنّ استفادة الاستحباب الشرعي فيما نحن فيه نظير استفادة الاستحباب الشرعي من الأخبار الواردة في الموارد الكثيرة المقتصر فيها على ذكر الثواب للعمل ، مثل قوله عليهالسلام : (من سرح لحيته فله كذا) (٢) ، مدفوع بأن الاستفادة هناك باعتبار أنّ ترتّب الثواب لا يكون إلّا مع الإطاعة حقيقة أو حكما.
____________________________________
العقل بتنجّزه ، فيكون مستلزما للأمر الإرشادي ، كما يكون (قوله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي)) مستلزما للأمر الإرشادي. غاية الأمر : إنّ وعد الثواب وهو دخول الجنّة المستلزم للأمر الإرشادي في الآية (وعد على الإطاعة الحقيقيّة) وما نحن فيه (وعد على الإطاعة الحكميّة) وعلى كلّ تقدير ، فلا مفرّ من أن يكون الطلب الشرعي إرشاديّا.
(وأمّا ما يتوهّم من : «أنّ استفادة الاستحباب الشرعي فيما نحن فيه نظير استفادة الاستحباب الشرعي من الأخبار الواردة في الموارد الكثيرة المقتصر فيها على ذكر الثواب للعمل ، مثل قوله عليهالسلام : (من سرح لحيته فله كذا) ، مدفوع ... إلى آخره).
ولا بدّ أوّلا : من تقريب التوهّم ، وثانيا : من بيان دفعه.
وأمّا التقريب فملخّصه : إنّ استفادة الاستحباب في المقام يكون نظير استفادة الاستحباب الشرعي من الأخبار الواردة في الموارد الكثيرة الدالّة على ترتّب الثواب على العمل ، كقوله عليهالسلام : (من سرّح لحيته فله كذا) ، حيث يكون ترتّب الثواب في هذه الأخبار مستلزما للأمر المولوي الدالّ على الاستحباب بالاتّفاق ، فكذلك ما نحن فيه حيث يكون ترتّب الثواب مستلزما للأمر المولوي ، فأخبار من بلغ ـ فيما نحن فيه ـ تدلّ على ترتّب الثواب على محتمل الوجوب بالمطابقة ، وعلى الاستحباب الشرعي بالالتزام ، كالأخبار الواردة الدالّة على ترتّب الثواب على تسريح اللحية ، وتقليم الأظفار ونحوهما ، حيث تدلّ
__________________
(١) النساء : ١٣.
(٢) الفقيه ١ : ٧٥ / ٣٢٢. الوسائل ٢ : ١٢٦ ، أبواب آداب الحمّام ب ٧٦ ، ح ١ ، وفيهما معنى الحديث.