ثمّ إنّ جماعة من الاصوليّين ذكروا في باب التراجيح الخلاف في ترجيح الناقل أو المقرّر ، وحكي عن الأكثر ترجيح الناقل ، وذكروا تعارض الخبر المفيد للوجوب والمفيد للإباحة ، وذهب جماعة إلى ترجيح الأوّل وذكروا تعارض الخبر المفيد للإباحة والمفيد للحظر ، وحكي
____________________________________
نحن فيه من تعارض الخبرين في ثبوت التكليف المستقلّ بالإجماع والأولويّة القطعيّة).
قد يقال : إنّ حكم الإمام عليهالسلام بالتخيير بين الخبرين المتعارضين في مورد السؤال عن وجوب التكبير الذي هو جزء الصلاة خارج عمّا نحن فيه ، لأنّ محلّ الكلام في المقام هو تعارض الخبرين في وجوب شيء مستقل ، بأن يدلّ أحدهما على وجوب الاستهلال والآخر على عدمه ولكنه مدفوع.
وحاصل الدفع هو أنّ مورد حكم الإمام عليهالسلام بالتخيير ، وإن كان بين ما دلّ على وجوب الشيء على وجه الجزئيّة وبين ما دلّ على عدمه ، حيث يرجع الشكّ فيه إلى الشكّ في المكلّف به ، لأنّه مركّب في أجزاء يشكّ في كون المشكوك منها أو لا. وبهذا يخرج عن محل البحث ، لأنّ الشكّ في المقام شكّ في أصل التكليف لا في المكلّف به كما هو واضح.
إلّا إنّه إذا ثبت التخيير في مورد السؤال في التوقيع يثبت في ما نحن فيه ـ أيضا ـ بالإجماع المركّب ، إذ كلّ من قال بالتخيير في أحد الموردين قال به في المورد الآخر من دون تفصيل بينهما ، هذا أوّلا.
وثانيا : بالأولويّة القطعيّة ، وذلك لأنّ المفروض في المقام هو الشكّ في التكليف وفي مورد التوقيع هو الشكّ في المكلّف به ، فإذا لم يجب الاحتياط في الشكّ في المكلّف به ، كما يظهر من الحكم بالتخيير ، لم يجب في محلّ الكلام وهو الشكّ في التكليف بطريق أولى.
قوله : (ثمّ إنّ جماعة من الاصوليّين ذكروا في باب التراجيح الخلاف في ترجيح الناقل أو المقرّر).
دفع لما يتوهّم من التنافي بين ما ذكر هنا من الرجوع إلى التخيير في تعارض الخبرين ، وبين ما ذكره جماعة من الاصوليّين في باب التراجيح من الخلاف بينهم في ترجيح الناقل وهو ما يكون مخالفا للأصل ، أو المقرّر وهو ما يكون موافقا للأصل.