ومن ذلك يعلم أنّه لا وجه للاستناد إلى قاعدة الاشتغال فيما إذا تردّدت الفائتة بين الأقل والأكثر ، كصلاتين وصلاة واحدة بناء على أنّ الأمر بقضاء جميع ما فات واقعا يقتضي لزوم الإتيان بالأكثر من باب المقدّمة.
توضيح ذلك : مضافا إلى ما تقدّم في الشبهة التحريميّة ، إنّ قوله : (اقض ما فات) ، يوجب
____________________________________
وملخّص الدفع أنّ بيان التكليف واقعا لا يكفي في وجوب الامتثال ، بل لا بدّ من البيان الواصل إلى المكلّف حتى يتنجّز عليه التكليف ، وهذا البيان لا يحصل إلّا بعلم المكلّف بالحكم والموضوع معا حتى يصدق كون هذه الصلاة فائتة ، وكلّ ما فات يجب قضاؤه ، فهذه الصلاة يجب قضاؤها ، فالتكليف بوجوب القضاء منجّز على المكلّف ، لعلمه بالموضوع والحكم تفصيلا ، وعلى هذا يختصّ وجوب القضاء في الافراد المعلومة إجمالا أو تفصيلا.
(ومن ذلك يعلم أنّه لا وجه للاستناد إلى قاعدة الاشتغال فيما إذا تردّدت الفائتة بين الأقل والأكثر ، كصلاتين وصلاة واحدة).
أي : وممّا ذكرنا من عدم وجوب ما يحتمل أن يكون فردا للمفهوم الكلّي المتعلّق للتكليف يعلم عدم الفرق بين الشبهة البدويّة ، والمقرونة بالعلم الإجمالي المردّد أطرافه بين الأقل والأكثر الاستقلاليّين في الرجوع إلى البراءة ، وعدم الاستناد إلى قاعدة الاشتغال ؛ لأنّ كالاستناد إليها مبنيّ على أن يكون الأمر بقضاء ما فات مقتضيا لوجوب جميع ما فات واقعا حتى يجب الإتيان بالأكثر من باب المقدّمة العلميّة ، فإنّ التكليف ـ حينئذ ـ مبيّن ، والمكلّف به مردّد بين الأقلّ والأكثر.
ومقتضى القاعدة هو الإتيان بالأكثر ، لأنّ الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة ، وهي لا تحصل إلّا بالأكثر ، إلّا إنّ مقتضى الأمر أي : اقض ما فات ، ليس وجوب جميع ما فات واقعا ، بل وجوب ما تنجّز التكليف فيه ، فالواجب هو امتثال التكليف المنجّز بالعلم بالحكم والموضوع ، والبيان المنجّز للتكليف بالنسبة إلى الأقل متحقّق ، وأمّا بالنسبة إلى الزائد فيكون الشكّ فيه شكّا في أصل التكليف ، فيرجع فيه إلى البراءة ، فيجب قضاء الأقل لتنجّز التكليف ، ولا يجب قضاء الأكثر لعدم تنجّز التكليف فيه.
(توضيح ذلك : مضافا إلى ما تقدّم في الشبهة التحريميّة).