وأرىٰ هذا الكلام من العلّامة في نهاية الغرابة ؛ لأنّ المتقدّمين لم يكن التفاتهم في الأحاديث إلىٰ الأسانيد ، وذكرها في كتبهم ليس من جهة التصحيح ، كما يعلمه الآحاد ، فضلاً عن مثل العلّامة .
ثم إنّ ما نقله عنه من الاحتجاج بالاعتبار لا يخلو من غرابة أيضاً بالنسبة إلىٰ الصدوق ، وهو أعلم بالحال .
والذي في الفقيه : ولا بأس بالوضوء والغسل من الجنابة بماء الورد . ثم فيه مضمون الحديث السابق الدال علىٰ الحصر في الماء و (١) الصعيد (٢) ، ولا يخلو الجمع بين الأمرين من إشكال ، وقد ذكرت ما يصلح توجيها في حاشية الكتاب .
أمّا ما قاله الشيخ ـ رحمهالله ـ من أنّ هذا الخبر شاذّ (٣) ، فالمراد من الشاذّ عند أهل الدراية ما رواه الراوي الثقة مخالفاً لما رواه الأكثر ، وهو مقابل المشهور ، وقد تقرر في الدراية أيضاً أنّ المخالف للشاذّ إنّ كان أحفظ وأضبط وأعدل من راوي الشاذ فشاذّ مردود ، وإن انعكس فكان الراوي للشاذّ أحفظ وأضبط له وأعدل من غيره من رواة مقابله فلا يردّ ؛ لأنّ في كل منهما صفة راجحة وصفة مرجوحة فيتعارضان ، ومن العلماء من ردّه مطلقاً ، نظراً إلىٰ شذوذه وقوّة الظنّ بصحة جانب المشهور ، ومنهم من قَبِله مطلقاً نظراً إلىٰ كون راويه ثقة في الجملة ، ولو كان راوي الشاذّ المخالف لغيره غير ثقة فحديثه منكر مردود (٤) .
__________________
(١) في المصدر : أو .
(٢) الفقيه ١ : ٦ ، ١١ .
(٣) التهذيب ١ : ٢١٩ .
(٤) انظر الدراية : ٣٧ ، ٣٨ .