وأمّا ثانياً : فالأخبار المطلقة لا تأبىٰ التقييد ، وفي نظري القاصر أنّ التقييد إنّما يكون للأحجار لا لغيرها ، إذ لا جامع للمطلق والمقيد بالأحجار ، فلا يدخل فيه مثل الكرسف كما ظنه بعض ، فليتأمّل ، ولو نظرنا إلىٰ معتبر الأخبار الصالح للعمل تخفّ المؤنة كما يعلمه من راجعها في مظانّها ، ولولا خوف الخروج عمّا نحن بصدده لذكرت جميعها ، والله الموفق .
ثم إنّ الحديث الثاني لا يخلو ظاهره من إشكال بتقدير العمل به ، فإنّه يقتضي أنّ المتمسّح بثلاثة أحجار إذا نسي أن يغسل دبره بالماء يعيد الصلاة والوضوء ، وإن خرج الوقت يعيد الوضوء لما يستقبل من الصلاة ، وغير خفيّ أنّ الاستجمار بالثلاثة قد يكون مطهِّراً إذا حصل النقاء مع شرائط الأحجار ، ولعلّ المراد به عدم حصول النقاء لكن إعادة الوضوء غير ظاهرة الوجه ، ولا يبعد الحمل علىٰ حصول النقاء والإعادة علىٰ سبيل الاستحباب ، فتكون إعادة الوضوء قرينة علىٰ الاستحباب إذ لا مجال لوجوب إعادة الوضوء كما لا يخفىٰ .
وما تضمنته من عدم الاستنجاء من الريح لا خلاف فيه . وفي صحيح سليمان بن جعفر الجعفري قال : رأيت أبا جعفر عليهالسلام يستيقظ من نومه [ يتوضأ ] ولا يستنجي وقال عليهالسلام ـ كالمتعجب من رجل سمّاه ـ : « بلغني انه إذا خرجت منه ريح يستنجي » (١) .
وما تضمنه ظاهر الخبر الأوّل من قوله : « إذا لم يكن الماء » يدل بالمفهوم أنّ الماء إذا كان لا يستحب الوتر علىٰ تقدير إرادة الاستحباب من الخبر علىٰ ظاهر الأصحاب من الاستدلال به علىٰ الاستحباب (٢) ، وعلىٰ
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢ / ٦٥ ، التهذيب ١ : ٤٤ / ١٢٤ ، الوسائل ١ : ٣٤٥ أبواب أحكام الخلوة ب ٢٧ ح ١ وفيها : أبا الحسن عليهالسلام ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصادر .
(٢) منهم الشيخ في المبسوط ١ : ١٦ ، والمحقق في المعتبر ١ : ١٣٠ ، والعلّامة في قواعد الأحكام ١ : ١٨٠ .