فالحمل علىٰ الاستحباب ـ لوجود المعارض ـ ممكن ، ما حمل غيره من الأخبار الصريحة في حياة الفأرة علىٰ الاستحباب .
وفي الثاني : لا بُدّ من حمله علىٰ الكراهة كما قال الشيخ ؛ لدلالة الخبر الأوّل المعدود من الصحيح علىٰ نفي البأس عن الوضوء من الماء الذي يقع فيه الحيّة (١) .
وقول الشيخ ؛ علىٰ ضرب من الكراهية ؛ محتمل لأن يراد به أنّ ما تقدّم من الخبر الدالّ علىٰ العقرب وشبهها ( أنّ الماء ) (٢) يسكب منه ثلاث مرات ؛ يتناول الحيّة ، وحينئذ يحمل الإهراق علىٰ نوع تأكّد استحباب الإهراق ، ويلزمه تأكّد الكراهة في الاستعمال من دون الإهراق بالتقريب الذي تقدم ، إلّا أنّ الظاهر عدم التناول للحيّة ، وباب الاحتمال غير مسدود .
أمّا قول الشيخ ؛ ولو كان نجساً لوجب إراقته ؛ فقد يقال عليه : إنّ وجوب الإراقة لا ينحصر في النجس ، بل الظاهر من النص خروجها بنفسها ، فلا تكون ميتة في الماء ، والنجاسة حينئذٍ لا وجه لاحتمالها إلّا بتكلّف نجاسة الحية ، ولم أعلم الآن القائل بها ، وغير بعيد أن يكون الإراقة لاحتمال وجود السم .
قوله :
باب سؤر ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل من سائر الحيوان
أخبرني الحسين بن عبيد الله ، عن عدّة من أصحابنا ، عن محمّد ابن يعقوب ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد بن يحيىٰ ،
__________________
(١) راجع ص ١٩٢ .
(٢) بدل ما بين القوسين في « رض » ؛ إذا وقع في الماء .