العرف اللغوي ، أو أنّه مجاز ، ولو اُريد بالإناء ما يتناول الكرّ ففيه إشكال ، إلّا أنّ ضرورة الجمع يقتضي ما ذكره الشيخ .
وربما يشكل الحال ، بأنّ ظاهر الحديث التنزّه عنه مع وجود غيره ، فيدل علىٰ كراهية الوضوء والغسل من الماء الكثير إذا ولغ فيه الكلب والسنور والجمل والدابة ، ولم أعلم الآن القائل به ، غير أنّ الحديث حاله غير خفية ، والأمر بالنسبة إلىٰ غير الشيخ ممّا يتوقف عمله علىٰ صحة الخبر سهل .
والحديث الأخير قد تقدم سنداً ومتناً في أوّل كتاب الطهارة (١) ، فالكلام السابق فيه يغني عن الإعادة .
بقي شيء : وهو أنّ جماعة من الأصحاب المتأخّرين ذكروا أنّ لطع الكلب الإناء بلسانه بمنزلة الولوغ ، وإن لم يصدق عليه اسمه حقيقة ، بل لأنّه الأولىٰ في الحكم من الولوغ ، فيتناوله الدليل بمفهوم الموافقة (٢) ، قال الوالد ـ قدسسره ـ : ولا بأس به (٣) .
وفي نظري القاصر أنّ أصل مفهوم الموافقة محل بحث علىٰ طريقة الأصحاب ؛ لأنّ العلّة لا بُدّ منها عند المحققين فيه ، والعلّة إمّا منصوصة أو مستنبطة ، والثانية ليست بحجة في غيره ، وليس في مفهوم الموافقة دليل علىٰ حجيتها ، بل الظاهر منهم نفي المستنبطة مطلقاً كما يعلم من الاُصول ، والاُولىٰ إذا تحققت جرىٰ حكمها في كل موضع يتحقق فيه ، من غير فرق
__________________
(١) في ص ٣٩ .
(٢) منهم المحقق والشهيد الثانيان في جامع المقاصد ١ : ١٩٠ والروضة ١ : ٦٣ وصاحب المدارك ٢ : ٣٩٠ .
(٣) معالم الفقه : ٣٣٦ .