ريح تغلب علىٰ ريح الماء ، وغير خفيّ أنّ الراوية غير معلومة القدر ، والأكثرية في حيّز الإجمال ، والشيخ ـ رحمهالله ـ كما ترىٰ قال : إنّه لا يمتنع أن يكون الزائد علىٰ الراوية يحصل به تمام الكرّ .
وهذا لا ريب فيه ، لكن كان الأولىٰ أن يذكر الأخبار الدالة علىٰ مقدار الكرّ قبل ذكر هذا الخبر ، وما ذكره من الأخبار ، وإن تضمن الكرّ ؛ إلّا أن المقدار مفصلاً لا يعلم منها .
والحديث المتضمن للراوية إنّما تتحقق فيه المنافاة إذا علم أوّلاً مقدار الكرّ مفصلاً ؛ ليفهم منه أنّ الراوية لا تكون هذا القدر غالباً ، فتحمل الزيادة علىٰ تمام الكرّ .
والأمر سهل ، غير أنّ ما تضمنه الحديث ـ من أنّ الريح إذا غلب علىٰ ريح الماء ـ يراد به ريح النجاسة لا ريح المنجّس .
واعتبار الغلبة علىٰ ريح الماء ، وإن ظنّ منه أنّه لا بد أن يكون للماء ريح ؛ إلّا أنّه غير خفيّ عدم اللزوم .
ثم الذي عليه الأكثر هو أنّ المعتبر من التغيير ما يظهر للحسّ ، فلو كانت النجاسة مسلوبة الصفات لم تؤثّر في الماء ، وإن كثرت .
واختار العلّامة وجوب تقدير النجاسة علىٰ أوصافٍ مخالفة ، فإن كان الماء يتغيّر بها علىٰ ذلك التقدير حكم بالنجاسة ، وإلّا فلا (١) .
ونقل عنه الاحتجاج بأنّ التغيّر الذي هو المناط (٢) مع الأوصاف (٣) ،
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ : ١٨٣ .
(٢) أي مناط النجاسة .
(٣) أي دائر مدار وجود الأوصاف .