وجوب الغسلتين ، وهذا في حق الرسول صلىاللهعليهوآله أشد ، كما يعلم من الأخبار ، والله تعالىٰ أعلم بالحال .
الثاني : أنّ الأحاديث المتضمنة لكون الوضوء مثنىٰ مثنىٰ ، يراد بها أنّ الوضوء غسلان ومسحان ، وهذا حكاه الشيخ في التهذيب (١) ، وحينئذٍ فالأخبار المتضمنة لأنّ الوضوء مرّة مرّة تبقىٰ علىٰ مقتضاها .
وممّا يدل علىٰ التوجيه المذكور موثق يونس بن يعقوب ، قال : قلت : لأبي عبد الله عليهالسلام الوضوء الذي افترضه الله علىٰ العباد لمن جاء من الغائط أو بال ، قال : « يغسل ذكره ، ويُذهب الغائط ، ثم يتوضّأ مرّتين مرّتين » (٢) وقد تقدم .
وتوجيه دلالته أنّ السؤال عن الوضوء المفروض ، فلا يمكن أن يكون المرّتان للاستحباب .
فإن قلت : المأمور به في الآية الغَسل ، وهو كما يتحقّق بالمرّة يتحقق بالمرّتين ، فيكون المرّتان أحد الفردين ، ويجوز حينئذٍ أن يلاحظ الاستحباب باعتبار أنّه أفضل الفردين الواجبين تخييراً ، فلا يكون هذا التوجيه مغايراً للأوّل ، إلّا من حيث إنّ القائلين بأنّ الثانية مستحبة (٣) ، ظاهر كلامهم أنّها مستحبة لا علىٰ هذا الوجه ، والشيخ ـ رحمهالله ـ من جملة القائلين ، وكلامه لا يأبىٰ هذا ، لأنّ قوله : الواحدة هي الفريضة وما زاد عليه سنّة ؛ في أوّل الكلام ، وقوله في آخره : حكايته لوضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله إلىٰ آخره ،
__________________
(١) التهذيب ١ : ٦٣ / ١٧٦ .
(٢) التهذيب ١ : ٤٧ / ١٣٤ ، الوسائل ١ : ٣١٦ أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ح ٥ .
(٣) منهم ابنا عقيل والجنيد والشيخان واتباعهم علىٰ ما حكاه عنهم في المختلف ١ : ١١٤ والمحقق في الشرائع ١ : ٢٣ وصاحب المدارك ١ : ٢٣٠ .