وما تضمنته الرواية الاُولىٰ من الأمر بالتشريق والتغريب لا ريب أنّه في غير البلاد التي قبلتها موافقة للمشرق والمغرب .
وربما يستفاد من قوله : « إذا دخلت المخرج » أن يكون ذلك في البناء .
والنهي في الثانية عن استقبال الريح واستدبارها محمول علىٰ الكراهة في الاستقبال علىٰ ما وجدناه في كلام الأصحاب (١) ، ولم أرَ القول بالتحريم ، وأمّا الاستدبار فالأكثر لم يذكره .
وفي نهاية العلّامة : الظاهر أنّ المراد بالنهي عن الاستدبار حالة خوف الردّ إليه (٢) ، والشهيد في الذكرىٰ جزم بعدم الفرق (٣) .
وأنت خبير بأنّ اشتمال الرواية علىٰ نهي الكراهة يقرّب كون غيره من المناهي كذلك ، ولم أر من ذكر هذا في مقام الاستدلال بالخبر ، فليتدبّر .
ولا يخفىٰ اختصاص الرواية الثانية بالغائط ، واللازم منه اختصاص الكراهة في الريح به ، وعلىٰ ما سمعته من كلام النهاية يقتضي الشمول للبول ، والرواية هي المستند علىٰ ما قيل ، ولا تعرض فيها للبول .
وفي كلام بعض : أنّ الغائط كناية عن التخلي (٤) . وفيه ما فيه .
ثم إنّ القبلة عند الإطلاق منصرفة إلىٰ الكعبة المشرّفة أو جهتها .
وفي المنتهىٰ : يكره استقبال بيت المقدس لأنّه قد كان قبلة ، ولا يحرم للنسخ (٥) . وهو أعلم بما قاله .
__________________
(١) منهم الشهيد الاول في الدروس ١ : ٨٩ ، والشيخ حسن بن الشهيد الثاني في معالم الفقيه : ٤٣١ ، وصاحب المدارك ١ : ١٧٩ .
(٢) نهاية الأحكام ١ : ٨٢ .
(٣) الذكرىٰ ١ : ١٦٤ .
(٤) منهم الشيخ حسن بن الشهيد الثاني في معالم الفقه : ٤٣٢ .
(٥) المنتهىٰ ١ : ٤٠ .