ومن هنا يعلم أنّ ما ذكره الوالد ـ قدسسره ـ : من أنّا نحمله علىٰ نزح الأكثر ؛ ( لتوقف زوال التغيّر عليه ، كما يشعر به قوله : إلّا أنّ ينتن ، وإطلاق نزح البئر علىٰ نزح أكثره ) (١) جائز ، ولو بطريق المجاز ، لضرورة الجمع (٢) . .
محل بحث ؛ لأنّه إنّما يتم علىٰ أن يكون تقدير ماء البئر في الحديث معلوماً ، ليحمل علىٰ الأكثر مجازاً ، أمّا لو جعل المجاز في الإسناد فلا ، بل يرجع الإجمال ، فليتأمّل .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الوالد ـ قدسسره ـ احتجّ لنزح أكثر الأمرين من المقدّر وزوال التغيّر ، بأنّ الدليل الدال علىٰ نزح المقدر مع عدم التغيّر يدل علىٰ وجوب المقدّر مع التغيّر بطريق أولىٰ (٣) .
وفي نظري القاصر أنّه غير تام ؛ لأنّ مفهوم الموافقة بتقدير تمامه إنّما هو يصلح للاستدلال إذا لم يعارضه المنطوق ، وهو موجود في الخبر الصحيح الدال علىٰ أنّ زوال التغيّر مطهِّر .
وما عساه يتوجه علىٰ هذا من أنّ الخبر الدال علىٰ أنّ زوال التغيّر كاف لا يخرج عن احتمال التقييد بما يدل عليه مفهوم الموافقة . .
فيه : أنّ الظاهر خلاف ذلك ، وأنّ زوال التغيّر كاف ، والخبر هو صحيح ابن بزيع الآتي عن قريب (٤) وما ذكرناه هنا علىٰ سبيل الاختصار ، وفي غير هذا الكتاب قد بسطنا الكلام ، ولعل في هذا كفاية إن شاء الله تعالىٰ .
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من « د » .
(٢) منتقىٰ الجمان ١ : ٥٨ ، معالم الفقه : ٣٣ .
(٣) معالم الفقه : ٣٣ ، منتقىٰ الجمان ١ : ٥٨ .
(٤) الآتي في ص ٢٥٨ .