وأمّا الثاني فلا أدري وجه المخالفة فيه .
وقد صرّح الشيخ كما ترىٰ بأنّ الخبرين تضمنا وجوب نزح الجميع للبعير ، مع أنّ الثاني إنّما فيه الثور ، وكأنّ الشيخ رأىٰ أن الثور إذا ثبت له الجميع فللبعير بطريق أولىٰ ، لزيادة البعير بكِبَر الحجم .
والنظر فيه واضح ؛ لأنّا لو سلّمنا حجيّة المفهوم فالمنطوق إذا دل علىٰ الكرّ صريحاً لا سبيل معه علىٰ الاستدلال بالمفهوم .
وفي التهذيب رواه بزيادة ، وهي لفظ « ونحوه » بعد قوله : « فيها ثور » (١) ويحتمل أن تكون سقطت سهواً من قلم الشيخ أو الناسخ ، والشيخ بناؤه عليها والإشكال في ذلك أيضاً علىٰ نحو ما قدمناه .
وأمّا ما ذكره المحقق سابقاً عن بعض الأصحاب (٢) فكأنّه عنىٰ به الشيخ ، وقد عرفت ما يتوجه علىٰ المحقق ، ويتم به كلام الشيخ في الجملة .
وربما يقال : إنّ الحديث الثاني لا معارضة فيه كما سمعت .
والأول ، وإن كان يقتضي المعارضة إلّا أنّ فيه احتمالاً وهو أن يكون قوله : « أو مات فيها بعير أو صب فيها خمر » شكاً من الراوي في أيّ اللفظين وقع ، والواقع إنّما هو الخمر .
وهذا الاحتمال وإنّ بَعُد ليس بأبعد من تأويلات الشيخ ، ولو لم يعمل إلّا بالصحيح فالمعارض المتقدّم مطروح ، ويزول تكلّف القول .
وكذلك علىٰ تقدير القول باستحباب النزح وقبول الحديث الأول لا مانع من استحباب الجميع ، علىٰ معنىٰ أنّه الأكمل وإن استحب
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٤١ / ٦٩٥ ، الوسائل ١ : ١٧٩ أبواب الماء المطلق ب ١٥ ح ١ .
(٢) راجع ص ٢٧١ .