بصورة مصادفة الواقع غير تام ، لأنّ وجوب الاحتياط ليس تابعاً للملاك الشخصي كي يكون مختصاً بصورة مصادفة الواقع ، بل تابع للملاك النوعي ، بمعنى أنّه حيث لايتميّز في الشبهات مورد وجود الملاك الواقعي عن مورد عدم وجوده ، فأوجب الشارع الاحتياط كليةً ، تحفظاً على الملاك في مورد وجوده ، إذ مع ترك الاحتياط قد يفوت الملاك ، ولذا كان لسان أدلة الاحتياط مطلقاً غير مقيد بموافقة الواقع ، كقوله صلىاللهعليهوآله : «قفوا عند الشبهة ... فانّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» (١).
هذا مضافاً إلى أنّ تقييد الاحتياط بصورة مصادفة الواقع غير معقول ، لعدم قابليته للوصول إلى المكلف ، لعدم إحرازه الواقع على الفرض ، وإلاّ كان الاحتياط منتفياً بانتفاء موضوعه ، وهو عدم وصول الواقع إلى المكلف ، فيكون إيجاب الاحتياط لغواً محضاً لا يترتب عليه أثر ، إذ مع عدم إحراز مصادفته للواقع لا يحرز وجوب الاحتياط ، لاحتمال كونه غير مطابق للواقع ، فتجري البراءة عنه ، ومع إحراز الواقع ينتفي الاحتياط بانتفاء موضوعه ، وهو عدم إحراز الواقع.
وأمّا ما ذكره أخيراً من إمكان أن لا يكون للحكم الواقعي إطلاق بالنسبة إلى حال تحير المكلف ، ففيه ما ذكرناه مراراً من أنّ الاهمال في مقام الثبوت غير متصور ، فلا محالة يكون الحكم الواقعي إمّا مطلقاً بالنسبة إلى حال تحيّر المكلف وكونه شاكاً ، وإمّا مقيداً بعدمه ، واعترف هو قدسسره أيضاً بذلك ، غاية الأمر أنّ الاطلاق أو التقييد يكون على مسلكنا لحاظياً ، وعلى مسلكه يكون بنتيجة الاطلاق أو بنتيجة التقييد بمتمم الجعل ، على ما تقدّم بيانه في
__________________
(١) الوسائل ٢٠ : ٢٥٩ / أبواب مقدّمات النكاح ب ١٥٧ ح ٢