المعنى في كلتيهما هو النفي ، غاية الأمر كون النفي في الفقرة الاولى حقيقياً ، وفي الفقرة الثانية ادّعائياً على ما تقدّم بيانه. وهذا نظير ما ذكرناه في حديث الرفع من أنّ الرفع بالنسبة إلى ما لا يعلمون حقيقي وبالنسبة إلى الخطأ والنسيان وغيرهما من الفقرات مجازي (١). وأمّا الثاني وهو الاضرار بالنفس فلا يستفاد حرمته من الفقرة الثانية أيضاً ، لأنّ الضرار وغيره ممّا هو من هذا الباب كالقتال والجدال لا يصدق إلاّمع الغير لا مع النفس.
التنبيه الثاني
أنّ الضرر كسائر العناوين الكلّية المأخوذة في موضوعات الأحكام المتوقف ثبوت الحكم فعلاً على تحقق مصداقها خارجاً ، ومن المعلوم أنّ الضرر لايكون من الامور المتأصلة التي لايفترق الحال فيها بالاضافة إلى شخص دون شخص ، بل من الامور الاضافية التي يمكن تحقّقها بالنسبة إلى شخص دون شخص ، كما في الوضوء فانّه يمكن أن يكون الوضوء ضرراً على شخص دون آخر ، فوجوبه منفي بالنسبة إلى المتضرر به دون غيره ، فما كان مشتهراً في زمان من أنّ الضرر في العبادات شخصي ، وفي المعاملات نوعي لا يرجع إلى محصّل ، بل الصحيح أنّ الضرر في المعاملات أيضاً شخصي ، لما ذكرناه من أنّ فعلية الحكم المجعول تابعة لتحقق الموضوع. ولا يظهر وجه للتفكيك بين العبادات والمعاملات في ذلك.
وكأنّ الوجه في وقوعهم في هذا التوهّم هو ما وقع في كلام جماعة من أكابر
__________________
(١) [تقدّم في ص ٣٠٢ ـ ٣٠٣ ما يرتبط بالمقام لكنّه اختار خلاف ما هنا]