لأجل الشك في كونه زائداً على المؤونة فيجب الفحص لاحراز السقوط بعد العلم بالوجوب. وأمّا على ما ذهب إليه ابن إدريس قدسسره (١) من تعلّق الخمس بالربح بعد مضي السنة وهو الظاهر ، فلا وجه لوجوب الفحص كما ذكرناه (٢).
ثمّ إنّ المحقق النائيني قدسسره (٣) قد اعتبر في جريان البراءة في الشبهات الموضوعية أن لاتكون مقدّمات العلم بأجمعها تامّة. وأمّا فيما إذا كانت المقدّمات تامّة بحيث لا يحتاج حصول العلم إلاّإلى مجرد النظر ، فلا تجري البراءة بل لا بدّ من النظر وتحصيل العلم أو الاحتياط. ومثّل لذلك بما إذا كان المكلف بالصوم في سطح لا يتوقف علمه بطلوع الفجر إلاّعلى مجرد النظر إلى الافق ، فلا يجوز له
__________________
(١) السرائر ١ : ٤٨٩
(٢) هكذا ذكر سيّدنا الاستاذ العلاّمة (دام ظلّه) وفي ذهني القاصر أنّه لا فرق بين مسلك المشهور وما ذهب إليه الحلِّي قدسسره في عدم وجوب الفحص ، إذ لا خلاف بينهم في عدم تعلّق الخمس في مقدار المؤونة ، بل الاتفاق حاصل على تعلّق الخمس بالمقدار الزائد عن المؤونة ، إنّما الخلاف في أنّ تعلّق الخمس بالمقدار الزائد عن المؤونة هل هو حين حصوله كما هو المشهور ، أو بعد مضي السنة كما عليه الحلي قدسسره فلو شكّ في زيادة الربح عن مؤونة السنة ، كان الشك في الوجوب على كلا القولين ، فلا وجه لوجوب الفحص على كليهما. نعم ، لو كان المشهور قائلاً بتعلّق الخمس بمطلق الربح ولو لم يكن زائداً على المؤونة ، وأنّ ما يصرفه المكلف في مؤونته عفو وإرفاق منه تعالى عليه ، كان لوجوب الفحص وجه لكون الوجوب حينئذ معلوماً ، إنّما الشك في السقوط والعفو ، ولكنّ المشهور لم يقولوا بذلك على ما راجعنا عاجلاً ، ولا بدّ من المراجعة التامّة والفحص الأكيد ، ومن الله سبحانه وتعالى التوفيق والعناية
(٣) أجود التقريرات ٣ : ٥٥٦ ، فوائد الاصول ٤ : ٣٠٢