فقبل أن يتوصل العلم الحديث إلى معرفة ذلك ـ بزمن طويل ـ سبق القرآن إلى بيان تلك المقدّمات في عبارات هي :
١. يزجي (يحرك) سحاباً.
٢. ثمّ يؤلّف (ويركِّب) بينه.
٣. ثمّ يجعله ركاماً (أي كتلة متراكمة متكاثفة).
فينسب هذه المراحل إلى الله تعالى. ثمّ يقول :
٤. فترى الودق (أي المطر) يخرج من خلاله.
٥. يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار.
وهكذا يصرح الله سبحانه بتأثير الأسباب والعلل الطبيعية في المرحلتين الأخيرتين ، غاية ما هنالك أنّ تأثير هذه العلل والأسباب بإذن الله ومشيئته بحيث إذا لم يشأ هو سبحانه لتعطلت هذه العلل عن التأثير.
٥. (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ). (١)
وأيّة جملة أوضح من قوله : (فَتُثِيرُ سَحاباً) أي الرياح ، فالرياح في نظر القرآن هي التي تثير السحاب وتسوقه من جانب إلى جانب آخر.
إنّ الإمعان في عبارات هذه الآية يهدينا إلى نظرية القرآن ورأيه الصريح حول «تأثير العلل الطبيعية بإذن الله».
ففي هذه الجمل جاء التصريح :
١. بتأثير الرياح في نزول المطر.
__________________
(١) الروم : ٤٨.