لأجل هذا الفعل رزاقاً ، كما نسمّيه رحيماً وغافراً لأجل رحمته لعباده وغفرانه لذنوبهم.
ثمّ إنّهم اختلفوا في بعض الصفات وانّه هل هو من صفات الذات أو من صفات الفعل كالإرادة والتكلّم؟ فأهل الحديث والمتكلّمون على أنّ الإرادة من صفات الفعل تنتزع من إعمال القدرة خلافاً للحكماء فإنّهم جعلوها من صفات الذات بالمعنى المناسب لذاته سبحانه ، نظير الاختلاف في الكلام فالأشاعرة على أنّه من صفات الذات ، والمعتزلة والإمامية على أنّه من صفات الفعل.
أمّا وجه الاختلاف في الكلام فهو مذكور في محلّه وخارج عن هدف الرسالة.
وأمّا وجه اختلافهم في الإرادة وذهاب بعض إلى أنّه من صفات الذات والبعض الآخر إلى أنّه من صفات الفعل ، فحاصله :
إنّ من جعلها من صفات الذات فباعتبار أنّ الإرادة من صفات الكمال بشهادة انّ الفاعل المريد أكمل من الفاعل غير المريد ، فسلبها عن الذات يستلزم كونه فاعلاً غير مريد ، وهو نقص في الفاعلية ، سواء أكانت مع الشعور أم بدونه.
وأمّا من جعله من صفات الفعل فلأجل انّ الإرادة أمر تدريجي بالذات ، توجد بعد وجود مقدّمات من تصوّر الموضوع والتصديق بفائدته واشتياقاً إلى فعله إلى أن ينتهي إلى الجزم والتصميم ، والإرادة بهذا المعنى أمر حادث تعالى سبحانه عن أن تقع ذاته محلًّا للحوادث.
فلأجل هذين الأمرين اختلفت أنظارهم في أمر الإرادة وأنّها هل هي من