وجودي غير مندرج تحت مقولة ، منتزع عن الوجود بما هو وجود ، فللعلم معنى جامع يهدى إليه التحليل وهو حضور شيء لشيء.
وأمّا الإرادة المنسوبة إليه تعالى فهي منتزعة من مقام الفعل ، إمّا من نفس الفعل الذي يوجد في الخارج ، فهو إرادة ثمّ إيجاب ، ثمّ وجوب ، ثمّ وجود ؛ وإمّا من حضور العلّة التامة للفعل كما يقال عند مشاهدة جمع الفاعل أسباب الفعل ليفعله ، أنّه يريد كذا فعلاً. (١)
يلاحظ على النظرية : لا شكّ أنّ أكثر ما ذكره السيد الأُستاذ حقّ لا غبار عليه ، وقد مرّ بعض ما ذكره في البحوث السابقة ، أعني :
١. أنّ ماهية الإرادة وواقعيتها غير واقعية العلم.
٢. أنّ الإرادة في الإنسان مهما جرّدت عن وصفة الإمكان لا يوصف به الواجب.
٣. أنّ الإرادة من صفات الكمال ، والموجود المريد أفضل من غير المريد فلا بدّ من وصفه سبحانه بأنّه مريد.
كلّما ذكره من هذه الأُمور صحيح ، ولكن تفسير الإرادة بحضور العلّة التامة للفعل يناقض الأصل الثالث ، وقد صرّح به أيضاً في ثنايا كلامه ، حيث قال :
«نعم قام البرهان بأنّه واجد لكلّ كمال وجودي ، ومع ذلك كيف يمكن خلوّ الذات عن هذا الكمال الوجودي وحصره في مقام الفعل».
ولو كانت الإرادة منتزعة من حضور العلّة التامّة للفعل ، يلزم أن تكون الفواعل الطبيعية كلّها مريدة لحضورها عند آثارها.
__________________
(١) نهاية الحكمة : ٢٩٩ ـ ٣٠٠.