بالفائدة ورفع الموانع والشوق المؤكّد ثمّ الجزم والتصميم وإن لم تكن موجودة في الذات ولكن نتيجة الإرادة كون الفاعل مختاراً بالذات ، متحقّق في الذات وهي موصوفة بها ، فكونه مختاراً جامع لعامّة الكمالات السابقة.
وإن شئت قلت : إنّ الإرادة صفة كمال لا لأجل كونها حادثة طارئة متقضّية بعد حدوث المراد ، وإنّما هي صفة كمال لكونها رمز الاختيار وسمة عدم المقهورية حتّى أنّ الفاعل المريد المكرَه له قسط من الاختيار ، حيث يختار أحد طرفي الفعل على الآخر تلو محاسبات عقلية فيرجّح الفعل على الضرر المتوعّد به ، فإذا كان الهدف والغاية من وصف الفاعل بالإرادة هو إثبات الاختيار وعدم المقهورية فوصفه سبحانه بكونه مختاراً غير مقهور في سلطانه ، غير مجبور في إعمال قدرته ، كاف في جري الإرادة عليه ، لأنّ المختار واجد لكمال الإرادة على النحو الأتم والأكمل.
وقد ثبت في محلّه انّه يلزم في إجراء الصفات ترك المبادئ والأخذ بجهة الكمال ، فكمال الإرادة ليس في كونها طارئة زائلة عند إيجاد المراد أو كون الفاعل خارجاً بها عن القوة إلى الفعل أو من النقص إلى الكمال ، بل كمالها في كون صاحبها مختاراً مالكاً لفعله ، آخذاً بزمام عمله ، فلو كان هذا هو كمال الإرادة ، فالله سبحانه واجد له على النحو الأكمل ، إذ هو الفاعل المختار غير المقهور في سلطانه (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) (١). (٢)
__________________
(١) يوسف : ٢١.
(٢) لاحظ الإلهيات : ١ / ١٧٥.