عليها قدمه فقال : هذا مقامي ، ومحشر خلقي وهذه جنتي وهذه ناري ، وهذا موضع ميزاني ، وأنا ديان الدين. (١)
ففي هذه الكلمة من هذا الحبر تصريح على تجسيمه تعالى أوّلاً ، وتركيز على أنّ الجنة والنار والميزان ستكون على هذه الأرض ، ومركز سلطانها سيكون على الصخرة ، وهذا من صميم الدين اليهودي المحرّف. هذا حول التجسيم.
وأمّا تركيزه على الرؤية فقد أشاع فكرة التقسيم ، فقال : إنّ الله تعالى قسم كلامه ورؤيته بين موسى ومحمد ، ومنه انتشرت هذه الفكرة ، أي فكرة التقسيم بين المسلمين. (٢)
ومن أعظم الدواهي انّ الرجل تزلّف إلى الخلفاء في خلافة عمر وعثمان وحدّث عن الكثير من القصص الخرافية ، وبعد ما توفّي عثمان تزلّف إلى معاوية ونشر في عهده ما يؤيد به ملكه ودولته ، ومن كلماته في حقّ الدولة الأموية ، يقول : مولد النبي بمكة ، وهجرته بطيبة ، وملكه بالشام. (٣)
وبذلك أضفى على الدولة الأموية صبغة شرعية ، وجعل ملكهم وسلطتهم امتداداً لملك النبي وسلطته.
إنّ فكرة الرؤية تسرّبت إلى المسلمين من المتظاهرين بالإسلام كالأحبار والرهبان ، وصار ذلك سبباً لجرأة طوائف من المسلمين على جعلها في ضمن العقيدة الإسلامية (٤) ، بحيث يكفر منكرها أحياناً ويفسق ، ولمّا صارت تلك
__________________
(١) حلية الأولياء لابن نعيم الاصفهاني : ٦ / ٢٠.
(٢) شرح نهج البلاغة : ٣ / ٢٣٧.
(٣) الدارمي في السنن : ١ / ٥.
(٤) مقالات الإسلاميين رسالة الأشعري في عقيدة أهل الحديث ، الفقرة ٢١.