المعلّق ، وهذا النوع من الكلام طريقة معروفة حيث يعلّقون وجود الشيء بما يعلم أنّه لا يكون والله سبحانه بما أنّه يعلم أنّ الجبل لا يستقرّ في مكانه ـ بعد التجلّي ـ فيعلّق الرؤية على استقراره ، حتّى يستدلّ بانتفائه على انتفائه ، قال سبحانه : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ). (١)
٣. تنزيهه سبحانه ـ بعد الافاقة ـ عن الرؤية
تذكر الآية بأنّ موسى لما أفاق فأوّل ما تكلّم به هو تسبيحه سبحانه وتنزيهه وقال : (سُبْحانَكَ) ، وذلك لأنّ الرؤية لا تنفك عن الجهة والجسمية وغيرهما من النقائص ، فنزّه سبحانه عنها ، فطلبها نوع تصديق لها.
٤. توبته لأجل طلب الرؤية
إنّه ـ عليهالسلام ـ بعد ما أفاق ، أخذ بالتنزيه أوّلاً ، والتوبة والإنابة إلى ربّه ثانياً ، وظاهر الآية انّه تاب من سؤاله كما أنّ الظاهر من قوله : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) أنّه أوّل المصدّقين بأنّه لا يُرى بتاتاً.
إجابة عن سؤال
إنّ سؤال الرؤية من الكليم دليل على إمكانها ، فلو كان أمراً محالاً لما سألها.
والجواب عن الشبهة واضح ، فإنّ الاستدلال بطلب موسى إنّما يصحّ إذا طلبها الكليم باختيار ومن دون ضغط من قومه ، فعندئذ يصلح للتمسّك به ظاهراً ، لكن القرائن تشهد على أنّه سأل الرؤية على لسان قومه حين كانوا مصرّين على ذلك.
__________________
(١) الأعراف : ٤٠.