وقد نرى جذور عصمة النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في كلام الإمام علي حيث يصف النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في الخطبة القاصعة بقوله :
«ولقد قَرَن الله به مِنْ لدن أن كانَ فطيماً أعظمَ ملك من ملائكته ، يسلك به طريقَ المكارم ، ومحاسنَ أخلاق العالم ليله ونهاره». (١)
ودلالة هذه الجمل من هذه الخطبة على عصمة النبي في القول والعمل عن الخطأ والزلل واضحة فانّ من ربّاه أعظم ملك من ملائكة الله سبحانه من لدن أن كان فطيماً ، إلى أُخريات حياته الشريفة ، لا تنفك عن المصونية من العصيان والخطأ ، كيف وهذا الملك يسلك به طريق المكارم ، ويربّيه على محاسن أخلاق العالم ، ليلَه ونهارَه ، لا يعصي ولا ينحرف عن الجادة الوسطى وليست المعصية إلاّ سلوك طريق المآثم ومساوى الأخلاق ومن يسلك الطريق الأوّل يكون متجنباً عن سلوك الطريق الثاني.
هذه جذور المسألة في الكتاب العزيز وفي كلمات الإمام أمير المؤمنين ، ثمّ إنّ المتكلّمين هم الذين اهتموا بمسألة العصمة خصوصاً الإمامية والمعتزلة.
نعم لا يمكن أن ينكر انّ المناظرات التي دارت بين الإمام علي بن موسى الرضا وأهل المقالات من الفرق الإسلامية قد اعطت للمسألة مكانة خاصة ، فقد أبطل الإمام الرضا ـ عليهالسلام ـ كثيراً من حجج المخالفين في مجال نفي العصمة عن الأنبياء عامة والنبي الأعظم خاصة ، ولو لا خوف الإطالة لأتينا ببعض هذه المناظرات التي دارت بين الإمام ـ عليهالسلام ـ وأهل المقالات من الفرق الإسلامية.
هذا هو مفهوم العصمة لغة واصطلاحاً ومبدأ ظهوره وسيره في التاريخ.
نعم نجد المستشرق «رونالدوسن» ينسب فكرة ظهور العصمة في الإسلام
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٨٧.