فإن قالوا : قديمة.
قال : ثبت دعوى النصارى بأنّ عيسى قديم ، لأنّه كلمة الله حسب تعبير كتابكم.
وإن قالوا : لا.
قال : زعمتم انّ كلامه مخلوق (أي مختلق).
فهو يجعل المسلمين على مفترق طريقين :
١. القرآن إمّا قديم ، فعندئذ يثبت نظرية النصارى في المسيح ، لأنّه كلمة الله حسب تنصيص القرآن ، والكلام والكلمة قديم ، فثبت انّ عيسى المسيح قديم.
٢. أو مخلوق ، أي مختلق مكذوب على الله.
وبهذه القضية المنفصلة هيمن على السُّذّج من الناس وجرّ المحدِّثين إلى القول بأنّ القرآن قديم حذراً من كونه مختلقاً.
وقد غاب عنهم أوّلاً : انّ نقيض قولهم : القرآن قديم ، هو كونه حادثاً ، والقول بالحدوث لا يترتب عليه أي فساد.
وثانياً : انّ قولهم مخلوق ليس بمعنى «مختلق» ، أعني : ما يومي إليه قول القائل الذي حكاه سبحانه في كتابه (إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ) (١) ، بل بمعنى انّه مخلوق لله سبحانه أنزله بعلمه على قلب سيّد المرسلين ، فلا فرق بين القرآن وسائر الموجودات في أنّ الجميع مخلوق له سبحانه.
وممّا يؤيد انّ فكرة قدم القرآن تعود إلى أهل الكتاب ما رواه ابن النديم في
__________________
(١) المدثر : ٢٥.