إلى الولاة في العواصم الإسلامية أن يختبروا الفقهاء والمحدّثين في مسألة خلق القرآن ، وفرض عليهم أن يعاقبوا كلّ من لا يرى رأي حدوث القرآن في هذه المسألة. وجاء المعتصم والواثق فطبّقا سيرته وسياسته مع خصوم المعتزلة وبلغت المحنة أشدها على المحدّثين ، وبقى أحمد بن حنبل ثمانية وعشرين شهراً تحت العذاب فلم يتراجع عن رأيه. (١)
ولما جاء المتوكل العباسي ، نصر مذهب الحنابلة وأقصى خصومهم ، فعند ذلك أحسّ المحدثون بالفرج وأحاطت المحنة بأُولئك الذين كانوا بالأمس القريب يفرضون آراءهم بقوة السلطان.
فهل يمكن عدّ مثل هذا الجدال جدالاً إسلامياً ، وقرآنياً ، لمعرفة الحقيقة وتبيّنها ، أو أنّه كان وراءه شيء آخر؟ الله العالم بالحقائق وضمائر القلوب.
__________________
(١) لاحظ سير أعلام النبلاء للذهبي ، ج ١١ ، ص ٢٥٢.