وحدّث سليمان بن جعفر الجعفري قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر ـ عليهالسلام ـ : يا ابن رسول الله ، ما تقول في القرآن؟ فقد اختلف فيه مَن قبْلَنا ، فقال قوم إنّه مخلوق ، وقال قوم إنّه غير مخلوق؟
فقال ـ عليهالسلام ـ : «أما إنّي لا أقول في ذلك ما يقولون ، ولكنّي أقول : إنّه كلام الله». (١)
فإنّا نرى أنّ الإمام ـ عليهالسلام ـ يبتعد عن الخوض في هذه المسألة لما رأى من أنّ الخوض فيها ليس لصالح الإسلام ، وأنّ الاكتفاء بأنّه كلام الله أحسم لمادة الخلاف. ولكنّهم ـ عليهمالسلام ـ عند ما أحسوا بسلامة الموقف ، أدلوا برأيهم في الموضوع ، وصرّحوا بأنّ الخالق هو الله وغيره مخلوق والقرآن ليس نفسه سبحانه ، وإلاّ يلزم اتحاد المُنْزَل والمُنْزِل ، فهو غيره ، فيكون لا محالة مخلوقاً.
فقد روى محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني أنّه كتب علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا ـ عليهالسلام ـ إلى بعض شيعته ببغداد : «بسم الله الرّحمن الرّحيم ، عَصَمَنا اللهُ وإيّاك من الفِتْنَةِ ، فإنْ يَفْعَل فقد أعظَمَ بِها نِعمة ، وإن لا يَفْعَل فهي الهَلَكة. نحن نرى أنّ الجِدالَ في القرآن بِدْعَةٌ ، اشترك فيها السائل والمُجيب ، فيتعاطى السائل ما ليس له ، ويتكلّف المُجيب ما ليس عليه ، وليس الخالقُ إلاّ الله عزّ وجلّ ، وما سواهُ مخلوقٌ ، والقرآنُ كلامُ الله ، لا تَجْعَل لَه اسماً مِنْ عندِك فتكون من الضّالّين ، جعَلَنا الله ، وإياك من الّذين يَخْشَوْنَ ربّهم بالغيب وهم من السّاعة مُشفقون». (٢)
وفي الرواية المروية إشارة إلى المحنة التي نقلها المؤرخون ، حيث كتب المأمون
__________________
(١) المصدر السابق ، الحديث ٥ ، ص ٢٢٤.
(٢) المصدر السابق ، الحديث ٤.