هذه الألفاظ على الأجسام ، وكذلك ما ورد في الأخبار من الصورة وغيرها في قوله عليه الصلاة والسلام : «خُلق آدم على صورة الرحمن» ، وقوله : «حتّى يضع الجبار قدمه في النار» ، وقوله : «قلب المؤمن بين اصبعين من أصابع الرحمن» ، وقوله : «خمّر طينة آدم بيده أربعين صباحاً» ، وقوله : «وضع يده أو كفّه على كتفي» ، وقوله : «حتّى وجدت برد أنامله على كتفي» إلى غير ذلك ، أجروها على ما يتعارف في صفات الأجسام ، وزادوا في الأخبار أكاذيب وضعوها ونسبوها إلى النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وأكثرها مقتبسة من اليهود ، فانّ التشبيه فيهم طباع ، حتّى قالوا : اشتكت عيناه (الله) فعادته الملائكة ، وبكى على طوفان نوح حتّى رمدت عيناه ، وإنّ العرش لتئط من تحته أطيط الرحل الجديد ، وأنّه ليفضل من كلّ جانب أربع أصابع ، وروى المشبهة عن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «لقيني ربي فصافحني وكافحني ووضع يده بين كتفي حتّى وجدت برد أنامله». (١)
هذه عقيدة مبتدعة السلف ، وإليك شيئاً من نصوص هؤلاء :
١. قيل لعبد الله بن مبارك : كيف يعرف ربنا؟ قال : بأنّه فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه. (٢)
٢. وقال الأوزاعي : إنّ الله على عرشه ، ونؤمن بما وردت به السنّة من صفاته. (٣)
٣. وقال الدارمي في مقدّمة كتابه «الرد على الجهمية» : استوى على عرشه ، فبان من خلقه ، لا تخفى عليه منهم خافية ، علمه بهم محيط ، وبصره فيهم نافذ. (٤)
__________________
(١) الملل والنحل : ١ / ١٠٥ ـ ١٠٧.
٢ ، ٣ ، ٤ راجع في الوقوف على مصادر هذه النصوص كتاب «علاقة الإثبات والتفويض» : ص ٤٨ ، ٤١ ، ٦٨.