وروى أبو قلابَة عن ابن مسعود أنّه كان يقول : اللهمّ إن كنت كتبتني في الأشقياء فامحنى من الأشقياء ...». (١)
٤. قال الرازي (المتوفّى ٦٠٨ ه) : إنّ في هذه الآية قولين :
القول الأوّل : إنّها عامّة في كل شيء كما يقتضيه ظاهر اللفظ ، قالوا : إنّ الله يمحو من الرزق ويزيد فيه ، وكذا القول في الأجل والسعادة والشقاوة والإيمان والكفر ، وهو مذهب عمر وابن مسعود ، والقائلون بهذا القول كانوا يدعون ويتضرّعون إلى الله تعالى في أن يجعلهم سعداء لا أشقياء. وهذا التأويل رواه جابر عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.
والقول الثاني : إنّ هذه الآية خاصّة في بعض الأشقياء دون البعض.
ثم قال : فإن قال قائل : ألستم تزعمون إنّ المقادير سابقة قد جفَّ بها القلم وليس الأمر بأنف ، فكيف يستقيم مع هذا المعنى ، المحو والإثبات؟
قلنا : ذلك المحو والإثبات أيضاً مما جفّ به القلم ، فلأنّه لا يمحو إلا ما سبق في علمه وقضائه محوه. (٢)
٥. وقال القرطبي (المتوفّى ٦٧١ ه) ـ بعد نقل القولين وإن المحو والإثبات هل يعمّان جميع الأشياء أو يختصان ببعضها ـ : مثل هذا لا يدرك بالرأي والاجتهاد ، وإنّما يؤخذ توقيفاً فإن صحَّ فالقول به يجب أن يوقف عنده ، وإلاّ فتكون الآية عامّة في جميع الأشياء ، وهو الأظهر ـ ثم نقل دعاء عمر بن الخطاب في حال الطواف ودعاء عبد الله بن مسعود ثم قال : روى في الصحيحين عن أبي
__________________
(١) مجمع البيان : ٦ / ٣٩٨.
(٢) تفسير الرازي : ١٠ / ٦٥٦٤.