الأجل المطلق لطبيعة الإنسان مائة وعشرين سنة ، فقلّما يتّفق أن يبلغ الإنسان إلى ذلك الحدّ من العمر ، فإنّ هناك موانع وعراقيل تمنعه ـ في العادة ـ من الوصول إليه.
نعم قلّما يزيد هذا الأجل على الأجل المطلق إذا توفّرت لذلك مقتضيات وقابليّات خارجة عن المتعارف تؤثّر في طول العمر وامتداده.
وعلى كلّ ، فكما أنّ وجود الأجلين لا يوجب تغييراً في علم الله سبحانه ، فهكذا وجود التقديرين.
وتغيير التقدير الأوّل بالتقدير الثاني مثل تغيير الأجل المطلق بالأجل المسمّى في ناحيتي الزيادة والنقصان ، بل لا معنى للأجلين إلاّ التقديرين.
ثمّ إنّ المراد من تغيير المقدّر هو تغيير المكتوب في لوحي المحو والإثبات ، فإنّ لله سبحانه لوحين :
الأوّل : اللوح المحفوظ الذي لا يتطرّق إليه التغيير ، وقد أشار إليه سبحانه بقوله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ). (١)
الثاني : لوح المحو والإثبات ، فيكتب فيه التقدير الأوّل ، وهو وإن كان بظاهره مطلقاً وظاهراً في الاستمرار ، إلاّ أنّه مشروط بشروط ، فإذا تغيّرت الشروط انتهى أمر التقدير الأوّل ، وحان وقت التقدير الثاني ، وإلى هذا اللوح أشار سبحانه بقوله : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ). (٢)
__________________
(١) الحديد : ٢٢.
(٢) الرعد : ٣٩.