حيث جاء في حديث الأقرع والأبرص والأعمى قوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : (بدا لله عزّ وجلّ أن يبتليهم) (١) وقد قال سبحانه : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً). (٢)
٢. انّ وصفه سبحانه بهذا الوصف من باب المشاكلة ، وهو باب واسع في كلام العرب ، فانّه سبحانه في مجالات خاصة يعبّر عن فعل نفسه بما يعبّر به الناس عن فعل أنفسهم ، وما ذلك إلاّ لأجل المشاكلة الظاهرية ، وقد صرّح بها القرآن الكريم في مواضع عديدة ، نذكر منها :
يقول سبحانه : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ). (٣)
ويقول تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ). (٤)
وقال عزّ من قائل : (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ). (٥)
وقال عزّ اسمه : (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا). (٦)
وقال عزّ وجلّ : (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا). (٧)
إذ لا شكّ انّه سبحانه لا يخدع ولا يمكر ولا ينسى ، لأنّها من صفات الإنسان الضعيف ، ولكنّه سبحانه وصف أفعاله بما وصف به أفعال الإنسان من باب المشاكلة ، والجميع كناية عن إبطال خدعتهم ومكرهم وحرمانهم من مغفرة الله سبحانه وبالتالي عن جنّته ونعيمها.
وعلى ضوء ذلك فلا غرو في أن نعبّر عن فعله بما نعبّر عن أفعالنا ، إذا كان
__________________
(١) تقدم تخريجه : انظر ص ٣٧٠ ـ ٣٧١ من هذا الكتاب.
(٢) الأحزاب : ٢١.
(٣) النساء : ١٤٢.
(٤) آل عمران : ٥٤.
(٥) الأنفال : ٣٠.
(٦) الجاثية : ٣٤.
(٧) الأعراف : ٥١.