أمركم ، ولكم عليّ من الحقّ مثل الذي لي عليكم».
ثم يشير الإمام ـ عليهالسلام ـ في هذه الخطبة إلى واحدة من أنصع القوانين الإسلاميّة ؛ وهو قانون التسوية بين جميع أفراد الأُمّة الإسلاميّة حكّاماً ومحكومين ، رؤساء ومرءوسين ، وزراء ومستوزرين ، وبذلك ينسف فكرة : أنا القانون ، أو أنا فوق القانون ، فيقول ـ عليهالسلام ـ : «... الحقُّ لا يجري لأحد إلاّ جرى عليه ، ولا يجري عليه إلاّ جرى له»
وعلى هذا ؛ فلا تمييز ولا تفرقة بين الحاكم والمحكوم بل الجميع أمام القوانين الإسلاميّة المدنيّة والجزائيّة وغيرها سواء ، وعلى الحاكم والرئيس أن يؤدّي حقوق الناس كأيّ فرد من أفراد الأُمّة العاديّين ، وبذلك يدعم الإمام ما روي عن الرسول الأكرم ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ إذ يقول : «النّاس أمام الحقّ سواء».
٣. كما يمكن أن نعرف طبيعة الحكومة الإسلامية من خطبة الإمام الحسين الشهيد ـ عليهالسلام ـ بعد نزوله بأرض كربلاء ، فقال :
«اللهم إنّك تعلم أنّه لم يكن ما كان منّا تنافساً في سلطان ، ولا التماساً من فضول الحطام ، ولكن لنري المعالم من دينك ، ونظهر الإصلاح في بلادك ، ويأمن المظلومون من عبادك ، ويعمل بفرائضك وسننك وأحكامك». (١)
إنّ من أهمّ الوثائق التي ترسم لنا بوضوح معالم الحكومة الإسلامية ؛ الوثيقة التي كتبها النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ليهود يثرب بعد ما نزل المدينة المنوّرة ، وقد رواه : ابن هشام في سيرته (٢) ، وأبو عبيد في كتاب «الأموال» (٣) ، وابن كثير في البداية والنهاية. (٤) وهي
__________________
(١) بحار الأنوار : ١٠٠ / ٨٠ ـ ٨١ ، الحديث ٣٧.
(٢) سيرة ابن هشام : ١ / ٥٠١.
(٣) الأموال ، ص ٥١٧ ، ط مصر.
(٤) البداية والنهاية : ٢ / ٢٢٤.