أمّا الشيعة فبما أنّهم كانوا يمثّلون طول العصور جبهة الرفض والمعارضة للحكومات الجائرة لم تسنح لهم الظروف أن يتحدّثوا عن صيغة الحكومة الإسلامية ، وأمّا السنّة فقد تبعوا في ترسيمها الوضع السائد على الحكومات بعد رحيله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وزعمت أنّها حكومات إسلامية شرعية من دون أن ترفع النقاب عن واقع الحكومة الإسلامية ، ولأجل ذلك غابت الصورة الحقيقية للحكومة الإسلامية عن أذهان أكثر المسلمين ، ومن حاول أن يستجلي كيفية النظام الإسلامي يجب عليه رعاية الأُمور الثلاثة :
أوّلاً : العودة إلى المصادر الأساسية للإسلام ، ونعني بها الكتاب والسنّة المطهرة.
ثانياً : أن لا يخلطوا بين ما وقع وجرى على الساحة الإسلامية في مجال الحكم ، وبين ما هو مرسوم لنظام الحكم في أصل الشريعة المقدّسة.
ثالثاً : أن لا يخلطوا بين تاريخ المسلمين ونظام الدين ، لأنّ ذلك التاريخ لا يكون ممثّلاً واقعياً لكلّ تعاليم الدين ، ولا مبرزاً لجميع حقائقه.
إنّ التتبع في الكتاب والسنّة يقضي بأنّ الحكومة في الإسلام تقوم بأحد أمرين ، لكلّ واحد ظرفه الخاصّ :
١. التنصيص الإلهي على الحاكم الأعلى باسمه وشخصه. وهذا فيما لو كان هناك نصّ أو نصوص على حاكمية شخص معيّن على الأُمّة كما في النبيّ الأكرم ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ باتّفاق المسلمين ، أو الأئمّة المعصومين حسب ما تذهب إليه الشيعة.
ومن المعلوم ، أنّه لو كان نصّ لما جاز العدول عنه إلى الطريق الآخر الذي سنشير إليه.
٢. التنصيص الإلهي على صفات الحاكم الأعلى ، وشروطه ، ومواصفاته