(إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ). (١)
وقبل الاستدلال بالآية نذكر شأن نزولها ، روى المفسرون عن أنس بن مالك وغيره انّ سائلاً أتى المسجد وهو يقول : من يقرض المليء الوفيّ ، وعليّ راكع يشير بيده للسائل : اخلع الخاتم من يدي ، فما خرج أحد من المسجد حتى نزل جبرئيل ب :
(إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ). (٢)
وإليك توضيح الاستدلال :
إنّ المستفاد من الآية انّ هناك أولياء ثلاثة وهم : الله تعالى ، ورسوله ، والمؤمنون الموصوفون بالأوصاف الثلاثة ، وانّ غير هؤلاء من المؤمنين هم مولّى عليهم ، ولا يتحقّق ذلك إلاّ بتفسير الولي بالزعيم والمتصرّف في شئون المولّى عليه ، إذ هذه الولاية تحتاج إلى دليل خاص ، ولا يكفي الإيمان في ثبوتها ، بخلاف ولاية المحبّة والنصرة ، إذ هما من فروع الإيمان ، فكلّ مؤمن محبّ لأخيه المؤمن وناصر له.
__________________
(١) المائدة : ٥٥.
(٢) رواه الطبري في تفسيره : ٦ / ١٨٦ ؛ والجصاص في أحكام القرآن : ٢ / ٤٤٦ ؛ والسيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٢٩٣ ؛ وغيرهم. وأنشأ حسّان بن ثابت في ذلك أبياته المعروفة ، وهي :
أبا حسن تفديك نفسي ومهجتي |
|
وكلّ بطيء في الهدى ومسارع |
أيذهب مدحي والمحبين ضائعاً |
|
وما المدح في ذات الإله بضائع |
فأنت الذي أعطيت إذ أنت راكع |
|
فدتك نفوس القوم يا خير راكع |
بخاتمك الميمون يا خير سيد |
|
ويا خير شار ثم يا خير بائع |
فأنزل فيك الله خير ولاية |
|
وبيَّنها في محكمات الشرائع |