مخصِّصاً ، كما لو رأيت الجنب يمسّ آية الكرسي مثلاً فقلت له لا يمسَّن آيات القرآن محدث ، يكون دليلاً على حرمة مسّ القرآن على الجنب مطلقاً.
وأمّا منزلة هارون من موسى فيكفي في بيانها قوله سبحانه حكاية عن موسى :
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي* هارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي). (١)
وقد أُوتي موسى جميع ذلك كما يقول سبحانه :
(قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى). (٢)
وقد استخلف موسى أخيه هارون عند ذهابه إلى ميقات ربّه مع جماعة من قومه ، قال سبحانه :
(وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ). (٣)
وهذا الاستخلاف وإن كان في قضية خاصّة ووقت خاص ، لكن اللفظ مطلق والمورد لا يكون مخصّصاً. ومن هنا لو فرض غيبة أُخرى لموسى من قومه مع عدم تنصيصه على استخلاف هارون كان خليفة له بلا إشكال. وهارون وإن كان شريكاً لموسى في النبوّة إلاّ أنّ الرئاسة كانت مخصوصة لموسى ، فموسى كان وليّاً على هارون وعلى غيره ، وهذا دليل على أنّ منزلة الإمامة منفصلة من النبوة ، وإنّما
__________________
(١) طه : ٣٢٢٩.
(٢) طه : ٣٦.
(٣) الأعراف : ١٤٢.