٦. لا يزال الناس بخير إلى اثني عشر خليفة. (١)
وقد اختلفت كلمة شرّاح الحديث في تعيين هؤلاء الأئمّة ، ولا تجد بينها كلمة تشفي العليل ، وتروي الغليل ، إلاّ ما نقله الشيخ سليمان البلخي القندوزي الحنفيّ في ينابيعه عن بعض المحقّقين ، قال :
«إنّ الأحاديث الدالّة على كون الخلفاء بعده اثني عشر شخصاً ، قد اشتهرت من طرق كثيرة ، ولا يمكن أن يحمل هذا الحديث على الخلفاء بعده من الصحابة ، لقلّتهم عن اثني عشر ، ولا يمكن أن يحمل على الملوك الأُمويّين لزيادتهم على الاثني عشر ولظلمهم الفاحش إلاّ عمر بن عبد العزيز ... ولا يمكن أن يحمل على الملوك العباسيين لزيادتهم على العدد المذكور ولقلّة رعايتهم قوله سبحانه :
(قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى). (٢)
فلا بد من أن يحمل على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته ، لأنّهم كانوا أعلم أهل زمانهم ، وأجلّهم ، وأورعهم ، وأتقاهم ، وأعلاهم نسباً ، وأفضلهم حسباً ، وأكرمهم عند الله ، وكانت علومهم عن آبائهم متصلة بجدّهم ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وبالوراثة اللّدنية ، كذا عرّفهم أهل العلم والتحقيق ، وأهل الكشف والتوفيق.
ويؤيّد هذا المعنى ويرجّحه حديث الثقلين والأحاديث المتكثّرة المذكورة في هذا الكتاب وغيرها». (٣)
__________________
(١) راجع صحيح البخاري : ٩ / ٨١ ، باب الاستخلاف ؛ صحيح مسلم : ٦ / ٣ ، كتاب الأمارة ، باب الناس تبع لقريش ؛ مسند أحمد : ٥ / ١٠٨٨٦ ؛ مستدرك الحاكم : ٣ / ٦١٨.
(٢) الشورى : ٢٣.
(٣) ينابيع المودَّة : ٤٤٦ ، ط استنبول ، عام ١٣٠٢.