إنّ الأُصول التربوية تقضي بأنّ بعض الصحابة يمكن أن يصل في قوة الإيمان ورسوخ العقيدة إلى درجات عالية ، كما يمكن أن يصل بعضهم في الكمال والفضيلة إلى درجات متوسطة ، ومن الممكن أن لا يتأثر بعضهم بالصحبة وسائر العوامل المؤثرة إلاّ شيئاً طفيفاً لا يجعله في صفوف العدول وزمرة الصالحين.
ويقول بعض المعاصرين تحت عنوان : «هل للصحابي خصوصية مسألة العدالة» :
وأرى أنّ أوّل الخلل يكون عند ما نتعامل مع الصحابة وكأنّهم جنس آخر غير البشر ، والقرآن الكريم والسنّة المطهرة لا يوجد فيها أبداً هذا التفريق بين الصحابة وغيرهم إلاّ ميزة الفضل للمهاجرين والأنصار الذين كانت لهم ميزة الجهاد والإنفاق أيّام ضعف الإسلام وذلّة أهله ، أمّا بقية الأُمور كطروء النسيان والوهم والخطأ وارتكاب بعض الكبائر ، فهذه وجدت وحصل من بعض السابقين ومن كثير من اللاحقين.
ولم أجد دليلاً مقنعاً صحيحاً صريحاً يفرق بين شروط العدالة بين جيل وآخر ، لا استثني من ذلك صحابة ولا تابعين. (١)
وما ذكرناه هو نتيجة التحليل على ضوء الأُصول النفسية والتربوية غير أنّ البحث لا يكتمل ولا يصحّ القضاء الباتّ إلاّ بالرجوع إلى القرآن الكريم حتّى نقف على نظره فيهم ، كما تجب علينا النظرة العابرة إلى كلمات الرسول في حقّهم ثمّ ملاحظة سلوكهم في زمنه ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وبعده. وسيوافيك بيانه في الفصول المستقبلة.
__________________
(١) الصحبة والصحابة : ٢١٧ ـ ٢١٨.