أفهل يتصوّر في حق نبي بلغ من الكمال ما بلغ أن يعشق امرأة محصنة وهي أوريا ، ثمّ يمهد الطريق لقتل زوجها لغاية التزوّج بها؟ ومع ذلك ملئت بهذه الخرافة ، التفاسير.
يروي المفسرون في تفسير قوله سبحانه : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ* إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ* إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ* قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ). (١)
... جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتّى وقع عند رجليه ، وهو قائم يصلّي ، فمدّ يده ليأخذه فتنحى ، فتبعه فتباعد حتّى وقع في كوّة ، فذهب ليأخذها ، فطار من الكوّة ، فنظر أين يقع ، فذهب في أثره ، فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها ، فرأى امرأة من أجمل الناس خلقاً ، فحانت منها التفاتة فأبصرته ، فالتَفّت بشعرها فاستترت به ، فزاده ذلك فيها رغبة ، فسأل عنها ، فأُخبر أنّ لها زوجاً غائباً بمسلحة كذا وكذا. فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره أن يبعث إلى عدوّ كذا وكذا ... فبعثه ففتح له أيضاً ، فكتب إلى داود ـ عليهالسلام ـ بذلك ، فكتب إليه أن ابعثه إلى عدوّ كذا وكذا ... فبعثه فقتل في المرة الثالثة ، وتزوّج امرأته.
فلمّا دخلت عليه لم يلبث إلاّ يسيراً حتّى بعث الله له ملكين في صورة أُنسيّين ، فطلبا أن يدخلا عليه ، فتسوّرا عليه المحراب ، فما شعر وهو يصلّي إذ هما
__________________
(١) ص : ٢١ ـ ٢٤.