الأخير إمّا عجز الإنسان وعيّه عن أداء الحقّ ، أو حسده وحقده.
وللإمام أمير المؤمنين حول الإفراط والتفريط كلمتان نأتي بهما :
١. قال : الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق ، والتقصير عن الاستحقاق عيّ أو حسد. (١)
٢. وقال : إنّ دين الله بين المقصر والغالي ، فعليكم بالنمرقة الوسطى ، فيها يلحق المقصر ، ويلحق إليها الغالي. (٢)
فالمسلم الحرّ ، لا يعدل عن النمرقة الوسطى ، وهو يخضع للحق مكان خضوعه للملق والعاطفة ، أو للبغض والحسد.
إنّ كثيراً من أهل السنّة ، غالوا في حقّ الصحابة وتجاوزوا الحد ، خضوعاً للعاطفة ، وإغماضاً عمّا ورد في حقّهم في الكتاب العزيز والسنّة النبوية والتاريخ الصحيح ، فألبسوهم جميعاً لباس العدالة ـ بل العصمة من غير وعي ـ فصاروا مصادر للدين ، أُصوله وفروعه ، دون أن يقعوا في إطار الجرح والتعديل ، من غير فرق بين من آمن قبل بيعة الرضوان وبعدها ، ومن آمن قبل الفتح أو بعده ، ومن غير فرق بين الطلقاء وأبنائهم والأعراب ، مع تفريق الكتاب العزيز بينهم في الإيمان والإخلاص ، فالكلّ في نظرهم من أوّلهم إلى آخرهم عدول ، لا يخطئون ولا يسهون ، ولا يعصون.
وليس هذا إلاّ نوعا من الغلو لم يعهد في أُمّة عبر التاريخ.
مظاهر الغلو
وهنا ـ وراء القول بعدالتهم بل عصمتهم ـ مظاهر للغلو ، نشير إليها :
__________________
(١) نهج البلاغة : قصار الكلمات ، ٣٤٧.
(٢) ربيع الأبرار للزمخشري : ٢ / ٦٣.