الصحابة فلم يؤيّدوا عدالتهم بقول مطلق ولم ينفوها كذلك ولم يبدوا رأيهم في المسألة وإنّما حكوا الآراء فيها وإليك نقل بعض كلماتهم :
قال الآمدي : اتّفق الجمهور على عدالة الصحابة ، وقال قوم : إن حكمهم في العدالة حكم من بعدهم في لزوم البحث عن عدالتهم في الرواية ، ومنهم من قال : إنّهم لم يزالوا عدولاً إلى حين ما وقع الاختلاف والفتن فيما بينهم ، وبعد ذلك فلا بدّ من البحث في العدالة عن الراوي أو الشاهد منهم إذا لم يكن ظاهر العدالة ، ومنهم من قال : إنّ كلّ من قاتل عليّاً عالماً منهم فهو فاسق مردود الرواية والشهادة على الإمام الحقّ ، ومنهم من قال بردّ رواية الكلّ وشهادتهم ، لأنّ أحد الفريقين فاسق وهو غير معلوم ولا معيّن. (١)
قال الغزالي : وزعم قوم إنّ حالهم ـ أي الصحابة ـ كحال غيرهم في لزوم البحث ، وقال قوم : حالهم العدالة في بداية الأمر إلى ظهور الحرب والخصومات ، ثمّ تغيرت الحال وسفكت الدماء فلا بدّ من البحث. (٢)
وسيوافيك انّ القول بعدالة الصحابة أو التوقّف فيها مرفوض بتصريح القرآن على خلافه وشهادة السنّة على ضدّه.
__________________
(١) الاحكام : ٢ / ١٢٨.
(٢) المستصفى : ١ / ٣٠٨.