غير واحد من الصحابة والتابعين الذين كانوا يحسنون الظن باحبار اليهود ورهبان النصارى.
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ ...) قال : إلاّ الحياة والموت ، والشقاء والسعادة فانّهما لا يتغيّران. (١)
أخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عمر : سمعت رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يقول : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) : إلاّ الشقوة والسعادة والحياة والموت. (٢)
وقد روى عن ابن عباس : قال : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) قال : «ذلك كلّ ليلة القدر يرفع ويخفض ويرزق» أي غير الحياة والموت والشقاوة والسعادة ، فإنّ ذلك لا يزول. (٣)
وأظنّ أنّ الرواية مكذوبة على لسان ابن عباس تلميذ الإمام أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ ، فإنّ الإمام ـ عليهالسلام ـ وبيته الرفيع مجمعون على إمكان تغيير المصير حتّى السعادة والشقاء بالأعمال الصالحة والطالحة.
إنّ سيادة القدر على مصير الإنسان على نحو يسلب عنه الاختيار ولا يتمكّن من تبديل ما قدّر إلى خلافه ، نفس القول بالجبر وسيادته.
إنّ هذا القول مرفوض عقلاً ، وكتاباً ، فإنّ إطلاق الكتاب في المحو الإثبات ، يعمّ الجميع حتّى الموت والحياة والسعادة والشقاء.
إنّ قوم يونس قد غيّروا مصيرهم السيّئ بالتوبة والعمل الصالح. يقول سبحانه : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا
__________________
(١) الدرّ المنثور : ٤ / ٦٦٣ ، ٦٦١ ، ٦٦٢.
(٢) الدرّ المنثور : ٤ / ٦٦٣ ، ٦٦١ ، ٦٦٢.
(٣) الدرّ المنثور : ٤ / ٦٦٣ ، ٦٦١ ، ٦٦٢.