ففي كتاب العلم أخرج عن ابن عباس انّه قال : لما اشتدّ بالنبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وجعه ، قال : «ائتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده» ، قال عمر : إنّ النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ غلبه الوجع ، وعندنا كتاب الله حسبنا ، فاختلفوا وكثر اللغط ، قال : «قوموا عنّي ولا ينبغي عندي التنازع» فخرج ابن عباس يقول : إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وبين كتابه. (١)
وأخرج أيضاً عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أنّه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس ، ثمّ بكى حتّى خَضَبَ دمعُه الحصباءَ ، فقال : اشتدّ برسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ وجعه يوم الخميس ، فقال : «ائتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً». فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ؟ قال : «دعوني فالذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه». (٢)
وهنا نكتة لا بدّ من إلفات القارئ إليها وهي : انّ فعل النبي (طلب الكتاب) ، نسب في الصورة الأُولى إلى غلبة الوجع وعند ذاك سمّي القائل به وهو عمر ، وفي الصورة الثانية نسب إلى الهجر والهذيان ، ولم يذكر اسم القائل ، وجاء مكان «عمر» لفظة : «قالوا».
ولما كانت الصورة الأُولى أخف وطأة من الثانية ، جاء فيها ذكر القائل دون الثانية.
والقائل في الجميع واحد.
ويذكره أيضاً بشكل آخر في موضع ثالث ، يقول :
اشتدّ برسول الله وجعه فقال : «ائتوني بكتف اكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده
__________________
(١) صحيح البخاري : ١ / ٣٨ ، برقم ١١٤.
(٢) صحيح البخاري : ٢ / ٢٨٧ ، برقم ٣٠٥٣.