العصبية بدعوته إلى ترك الكلام في حقّ البغاة والجائرين من الصحابة ، ولكنّه أصحر بالحقيقة ، قائلاً :
ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ والمذكور على ألسنة الثقات يدلّ بظاهره على أنّ بعضهم قد حاد عن طريق الحقّ ، وبلغ حدّ الظلم والفسق وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد ، وطلب الملك والرئاسة ، والميل إلى اللذات والشهوات ، إذ ليس كلّ صحابي معصوماً ولا كلّ من لقي النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بالخير موسوماً إلاّ أنّ العلماء لحسن ظنهم بأصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق ، وذهبوا إلى أنّهم محفوظون عمّا يوجب التضليل والتفسيق ، صوناً لعقائد المسلمين عن الزيغ والضلالة في حقّ كبار الصحابة لا سيما المهاجرين منهم ، والأنصار ، والمبشرين بالثواب في دار القرار.
وأمّا ما جرى بعدهم من الظلم على أهل بيت النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فمن الظهور بحيث لا مجال للإخفاء ، ومن الشناعة بحيث لا اشتباه على الآراء ، إذ تكاد تشهد به الجماد والعجماء ، ويبكي له من في الأرض والسماء ، وتنهد منه الجبال وتنشق الصخور ، ويبقى سوء عمله على كرّ الشهور ، ومرّ الدهور فلعنة الله على من باشر أو رضي أو سعى ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى. (١)
__________________
(١) شرح المقاصد : ٥ / ٣١٠ ـ ٣١١ ؛ وراجع كتاب الأربعين لمحمد طاهر القمي الشيرازي : ٦٣٣ ، بحار الأنوار : ٢٨ / ٣٦٤.