(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ). (١)
والقرآن يحدث عمّن أُوتي آيات الله في مقتبل عمره ، لكنّه ساءت سيرته في الفترة الأخيرة من عمره فصار من الغاوين ، ويقول : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ). (٢)
وهذا هو قارون بني إسرائيل كان يقرأ التوراة بصوت حسن ، ولكنّه ساء سلوكه فخسف سبحانه به وبداره وكنزه. (٣)
وعلى ضوء ذلك فما مرّ من الآيات التي تُثني على فئات من الصحابة لا يحتج بها على صلاحهم إذا ثبت بالأدلّة القطعية انحرافهم عن الطريق المهيع ، واقترافهم المعاصي ومحاربتهم الحق والحقيقة.
وممّا لا شكّ فيه وقوع التشاجر بين الصحابة ، كما دارت بينهم معارك دامية ، قُتل على أثرها لفيف من البدريين والأُحديين وغيرهم من المسلمين الأبرياء وعندئذ يقال : إنّما العبرة بخواتيم الأعمال ، وثناء القرآن عليهم إنّما كان بحسب ملابساتهم وأحوالهم يوم ذاك. فكانوا من الصلحاء وليس من المستحيل أن ينسلخوا من تلك الأحوال كما انسلخ غيرهم.
__________________
(١) الحجرات : ٢.
(٢) الأعراف : ١٧٥.
(٣) القصص : ٨١.