القرن في اللغة عبارة عن الفترة من الزمان وإطلاقه على مائة سنة ، إطلاق حادث لا تحمل عليه الرواية. وعلى ضوء ذلك فالقرن الذي بعث فيه النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ خير القرون من الأزمنة باعتبار نفس النبي فقط ، فكان ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ نوراً انبعث في الظلمة حيث تقوضت به دعائم الشرك والوثنية ، وأُشيدت دعائم التوحيد والحنفية.
هذا يرجع إلى نفس النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، وأمّا غيره فالظاهر من الرواية انّها تصنِّف الناس حسب التفضيل بالنحو التالي :
الصحابة (القرن الذي بعثتُ فيه).
التابعون (ثمّ الذين يلونهم).
تابعو التابعين (ثمّ الذين يلونهم) وهكذا.
فكلّ من قرب زمنه من النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ فهو أفضل ممّن بعد منه.
هذا ما تفيده الرواية ، وللأسف الشديد أنّ الواقع الملموس يثبت خلاف ذلك لا سيّما من تصفّح التاريخ والحديث.
فهذا هو الإمام البخاري يروي في حقّ الصحابة ما مرّ من ارتدادهم ، كما مرّ في ص ٢٧.
ثمّ إنّ قوله : هم الذين يلونهم : يهدف إلى التابعين وفيهم الأمويون ، فهل يمكن أن نعدَّ عصر الأمويين خير القرون وقد لوّنوا وجه الأرض بدماء الأبرياء ، وقتلوا سبط النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في كربلاء عطشاناً وذبحوا أولاده وأصحابه ، وهتكوا حرمة الكعبة.
وهذا هو الحجاج صنيعة أيديهم اقترف من الجرائم البشعة ما يندى لها جبين الإنسانية ، ولا أُطيل الكلام في ذلك والتاريخ خير شاهد على كذب هذه الرواية ووضعها من قبل سماسرة الحديث لتطهير الجهاز الحاكم الأموي ممّا