عبد الله بن الكواء وابن عباد سألاه عن طلحة والزبير قالا : فأخبرنا عن ملك هذين الرجلين (يعنيان طلحة والزبير) صاحباك في الهجرة وصاحباك في بيعة الرضوان وصاحباك في المشورة ، فقال : بايعاني بالمدينة وخالفاني بالبصرة ، وعزاه لإسحاق بن راهويه ، قال الحافظ البوصيري : رواه إسحاق بسند صحيح. (١)
ونحن لا نطيل الكلام بذكر نظائرها في غير من قاتل علياً ، فقد جرت السيرة على عدم الإمساك عمّا شجر بين الصحابة وما صدر عنهم ، وإن صدر الأمر بالإمساك عن عمر بن عبد العزيز وغيره.
روى الحافظ الذهبي في كتاب «سير اعلام النبلاء» ما هذا حاصله : اتّهم المغيرة بن شعبة بالزنا وهو أمير الكوفة في عصر الخليفة عمر بن الخطاب وشهد عليه شهود أربعة ، منهم أبو بكرة ونافع وشبل فشهدوا على أنّهم رأوه يولجه ويخرجه ويلج ولج المِروَد في المكحلة ، فلمّا حاول رابع الشهود وهو زياد بن أبيه ، حاول الخليفة أن يدرأ عنه الحد للشبهة ، فخاطبه بقوله : إنّي لأرى رجلاً لم يخز الله على لسانه رجلاً من المهاجرين ، فقال له الخليفة : أرأيتَه يُدخله كالميل في المكحلة؟ فقال : لا ولكنّي رأيت مجلساً قبيحاً وسمعت نفساً عالياً ورأيته تبطنها. (٢)
فلو كانت الصحابة عدولاً ، لما استمع الخليفة إلى الشهادات ، ولرفضها ابتداءً!! ولو كانت دراسة سيرة الصحابي ، سبّاً له ، لعزّر الخليفة الشهود بالسبّ ، دون أن يسأل واحداً واحداً منهم عن صحّة الواقعة.
__________________
(١) المطالب العالية ، باب قتال أهل البغي : ٤ / ٢٩٦.
(٢) سير اعلام النبلاء : ٣ / ٢٨ برقم ٧ ؛ الأغاني : ١٤ / ١٤٦ ؛ تاريخ الطبري : ٤ / ٢٠٧ ؛ الكامل : ٢ / ٢٢٨.