من المهاجرين والأنصار لم يروا ذلك ، فلم يتغافلوا عن طلحة والزبير حتّى فعلوا بهما وبمن معهما ما يفعل بالشراة في عصرنا ، وهذا طلحة والزبير وعائشة ومن كان معهم وفي جانبهم لم يروا أن يمسكوا عن علي حتّى قصدوا له وحاربوه ، وهذا معاوية وعمرو لم يريا علياً بالعين التي يرى بها العامي صديقه أو جاره ولم يقصرا دون ضرب وجهه بالسيف ، ولعنه ولعن أولاده ، وكلّ من كان حياً من أهله ، وقتل أصحابه ، وقد لعنهما هو أيضاً في الصلاة المفروضة ولعن معهما أبا الأعور السلمي وأبا موسى الأشعري ، وكلاهما من الصحابة ، وهذا سعد بن أبي وقاص ومحمد بن سلمة وأُسامة بن زيد وسعد بن عمرو بن نفيل وعبد الله بن عمر وحسان بن ثابت وأنس بن مالك لم يروا أن يقلدوا علياً في حرب طلحة ، ولا طلحة في حرب علي ، وطلحة والزبير بإجماع المسلمين أفضل من هؤلاء المعدودين ، لأنّهم زعموا أنّهم قد خافوا أن يكون علي قد غلط وزل في حربهما ، وخافا أن يكونا قد زلا وغلطا في حرب علي ، وهذا عثمان قد نفى أبا ذر إلى الربذة كما يفعل بأهل الخنا والريب ، وهذا عمار وابن مسعود تلقيا عثمان بما تلقياه به لما ظهر لهما بزعمهما منه ما وعظاه لأجله ، ثمّ فعل عثمان ما تناهى إليكم ، ثمّ فعل القوم بعثمان ما قد علمتم وعلم الناس كلهم ، وهذا عمر يقول : في قصة الزبير بن العوام لما استأذنه في الغزو إنّي ممسك بباب هذا الشعب أن يتفرق أصحاب محمد في الناس فيضلوهم ... ولا أنكر الناس على عمر هذا القول ، ولا أنكروا على عثمان دوس بطن عمار ، ولا كسر ضلع أبي مسعود ، ولا على عمار وابن مسعود ما تلقيا به عثمان كإنكار العامة اليوم الخوض في حديث الصحابة ، ولا اعتقدت الصحابة في أنفسها ما تعتقده العامة فيها ، اللهمّ إلاّ أن يزعموا أنّهم أعرف بحق القوم منهم ، وهذا علي والعباس ما زالا على كلمة واحدة يكذبان الرواية «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» ويقولان : انّها