ولا يخفى (١) أن الإجماع هاهنا (٢) غير حاصل ، ونقله لوهنه
______________________________________________________
(١) غرضه ردّ الوجهين المزبورين ، أما الإجماع ، فبأن المحصّل منه على وجه يكشف عن رأي المعصوم غير حاصل ، إذ ليس المقام من المسائل الشرعية المحضة التي لا يتطرق إليها العقل ، فلا يجوز الاتكال على الإجماع الّذي يحتمل استناد المجمعين كلهم أو جلّهم فيه إلى حكم العقل. والمنقول منه لا حجية فيه ولو مع فرض حجية المحصّل منه الّذي لا سبيل إلى تحصيله في المسائل التي للعقل إليها سبيل.
(٢) أي : في مسألة وجوب الفحص في إجراء البراءة النقليّة في الشبهات الحكمية.
__________________
لا يصح اسناد الحجب إليه تعالى مع تقصير المكلف في الفحص بالمقدار الّذي تطمئن النّفس معه بعدم الحجة على الحكم.
ولو تم الإطلاق كان نافيا لوجوب الفحص في الشبهة الموضوعية ومؤمّنا من المؤاخذة على المخالفة ، إلّا أن ينهض ما يدل على وجوبه أيضا فيها كما سيأتي.
وكيف كان فالمصنف هنا كما في الرسائل جعل إطلاق أدلة البراءة الشرعية لما قبل الفحص مفروغا عنه ، ولذا تشبث لإبداء المانع عنه ببعض الوجوه الخمسة التي ذكرها الشيخ الأعظم (قده). لكنه في حاشية الرسائل أناط جريان البراءة في كل من الشبهتين بالفحص ، وقال : «ولا إطلاق للنقل الدال على البراءة فيها ، لقوة احتمال سوقه مساق حكم العقل ، ولا ينافيه كونه في مقام المنة ، فانها بملاحظة عدم إيجاب الاحتياط ، مع أنه كان بمكان من الإمكان كما حققناه ...» (١).
وقد عرفت أن الأقرب هو ما ذكره في الحاشية لا ما في المتن.
__________________
(١) حاشية الرسائل ، ص ١٧١