تحمله الضرر ولو كان ضرر الآخر أكثر ، فان (١) نفيه يكون للمنة على
______________________________________________________
ومحصل ما أفاده المصنف فيها هو : أن الأظهر عدم وجوب تحمله للضرر عن الغير كما نسب إلى المشهور ، بل المحكي عن المبسوط والتذكرة نفي الخلاف فيه ، وان كان ضرر صاحبه أكثر ، إذ لا تجري فيه قاعدة الضرر التي وردت مورد الامتنان ، فان جريانها في ضرر الغير يوجب تحمل الضرر عنه ، ومن المعلوم أنه لا منّة على تحمل الضرر لدفعه عن صاحبه ، فمقتضى قاعدة السلطنة جواز التصرف في ملكه وان استلزم الضرر على الغير.
وعليه فيجوز أن يحفر بئرا أو بالوعة في داره وان تضرر جاره به. وقد مثل له أيضا بما إذا أكره الجائر شخصا على التولي من قبله ، حيث انه بقبوله للولاية يتضرر المسلمون ، وبعدم قبوله لها يقع هو في الضرر ، فيتعارض الضرران ، ويرجع إلى قاعدة نفي الحرج ، فلا يجب قبول الولاية من الجائر مطلقا سواء كان الضرران متساويين ، كما إذا كان الضرر الوارد عليه من ناحية الجائر على تقدير عدم قبول الولاية مائة دينار وكان ضرر المسلمين بوسيلته مع فرض قبولها هذا المقدار أيضا ، أم كانا متفاوتين ، لفقدان شرط جريان قاعدة نفي الضرر وهو الامتنان مطلقا.
والحاصل : أن المصنف (قده) ذهب إلى أن التعارض في القسمين الأولين يكون من باب التزاحم ، وفي القسم الثالث يكون من باب التعارض.
ثم ان ما أفاده المصنف (قده) هنا من التفكيك بين ضرري شخص وشخصين بما عرفت توضيحه في الصور الثلاث تعريض بما أفاده شيخنا الأعظم (قده) من معاملة التعارض بينهما ، وان كان المستفاد من كلامه في رسالته المستقلة إجراء حكم المتزاحمين على تعارض الضررين ، ولعلنا نتعرض لما هو الحق في الرسالة المستقلة.
(١) تعليل لعدم لزوم تحمل الضرر عن الغير الناشئ عن جريان قاعدة نفى الضرر في ضرر الآخر ، إذ مقتضى نفيه عن الآخر هو تحمل الضرر عنه. ومحصل