المكلف به (١) ليس من حدود التكليف به وقيوده كان (٢) التكليف المتعلق به مطلقا (٣) ، فإذا اشتغلت الذّمّة به كان قضيته الاشتغال به يقينا
______________________________________________________
الأول من قيود التكليف شرعا بحيث يكون كل حكم إلزاميّ مقيدا حقيقة بعدم الاضطرار ، فمع طروئه يرتفع الحكم واقعا ، إذ الاضطرار يزاحم الملاك الداعي إلى الحكم ، فان ملاك حرمة أكل مال الغير يؤثر في تشريع الحرمة ان لم يزاحم بمصلحة أهم كحفظ النّفس ، ولذا يجوز أكله في المخمصة بدون رضا مالكه ، فاشتراط التكليف بعدم الاضطرار إلى متعلقه انما هو من اشتراط الملاك بعدم المزاحم له وهذا بخلاف الفقدان ، فان الحكم لم يقيد في الأدلة الشرعية بعدمه ، بل عدم الموضوع يوجب انتفاء الحكم عقلا ، بخلاف الاضطرار ، فان الحكم مقيد بعدمه شرعا ، ولذا لا يجب الاحتياط مع طروئه.
وبالجملة : فمع الفقدان يشك في بقاء التكليف عقلا ، فيجب الاحتياط فيما بقي من الأطراف ، لكون الشك في بقاء الحكم المطلق بعد العلم باشتغال الذّمّة به ، ولكن في الاضطرار يكون الشك في ثبوت التكليف. وعليه فقياس الاضطرار اللاحق للعلم الإجمالي بفقدان بعض الأطراف بعد العلم مع الفارق.
(١) المراد به متعلق المتعلق وهو الموضوع كالإناء في المثال ، أو الغريق في وجوب الإنقاذ.
(٢) جواب «حيث» وضمير «به» راجع إلى المكلف به ، وضمير «قيوده» إلى التكليف.
(٣) أي : غير مقيد شرعا بالفقدان ، و «المتعلق» بكسر اللام ، وضمير «به» راجع إلى المكلف به.